و ليس يرى الإنفاذ إلا مقصر *** جهول بما قلنا عن الحق عاجز
[الوعد و الوعيد]
قال اللّٰه تعالى إن اللّٰه لا يضيع ﴿(إِنّٰا لاٰ نُضِيعُ)أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً﴾ هذا في الوعد و قال في الوعيد ﴿فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشٰاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشٰاءُ﴾ [البقرة:284] فاعلم إن هذه المنازلة هي قوله إن رحمتي تغلب غضبي و هي قوله ﴿وَ مٰا تَشٰاؤُنَ إِلاّٰ أَنْ يَشٰاءَ اللّٰهُ﴾ [الانسان:30] فإذا وعد العبد وعدا و شاء اللّٰه أن يخلف ذلك العبد وعده و ما عاهد عليه شاء من العبد أن يشاء نقض العهد و لو لا ذلك ما تمكن للمخلوق أن يشاء فشاء العبد عند ذلك نقض العهد و إخلاف الوعد بمشيئة اللّٰه في خلق مشيئة العبد فهو «قوله و وقتا لم أف» فلا تعترض على العبد فإنه مجبور في اختياره بمشيئتي و لكن ينبغي لصاحب هذه المنازلة إذا رأى من وقع منه مثل هذا أن ينظر إلى خطاب الشرع فيه فإن رأى أن ذلك المحل الظاهر منه مثل هذا من نقض العهد و إخلاف الوعد قد أطلق الحق عليه لسان الذم فيذمه بذم الحق فيكون حاكيا و لا يذمه بنفسه هذا هو الأدب و ليس ذلك إلا في الخير كما يقيم الحدود على المتعدي بأمر الحق لا بنفسه و لهذا ليس للعبد أن يوقت حدا و لا يشرعه و أما في الوعيد إذا لم يكن حدا مشروعا و كان لك الخيار فيه و علمت إن تركه خير من فعله عند اللّٰه فلك أن لا تفي به و أن تتصف بالخلف فيه مثل «قوله من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليكفر عن يمينه» و ليأت الذي هو خير قال تعالى
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية