فوقع عليهم العذاب من قولهم له إلى شياطينهم في حال الخلوة فلما قامت الأضداد عندهم و عاملوا الحق و الباطل عاملوا الحق بستر الباطل و عاملوا الباطل بإفشاء الحق فصح لهم النفاق و لو خاطبوا ذاتهم في ذاتهم ما صح عليهم هذا و لكانوا من أهل الحقائق فأوقع اللّٰه الجواب على الاستهزاء فقال ﴿اَللّٰهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ [البقرة:15] و هو استهزاءهم عجبا كيف قالوا ﴿إِنّٰا مَعَكُمْ﴾ [البقرة:14] و هم عدم لو عاينوا إيمان الحقيقة لعاينوا لخالق في الخليقة و لا خلوا و لا نطقوا و لا صمتوا بل كانوا يقومون مقام من شاهد و هو روح جاء مع صاحب المادة فلينظر الإنسان حقيقة اللقاء فإنه مؤذن بافتراق متقدم ثم اجتمعوا بصفة لم يعرفوها بل ظهر لهم منها ظاهر حسن فتأدبوا معها و لم يطيقوا أكثر من ذلك فقالوا آمنا ثم نكسوا على رءوسهم في الخلوة مع الشيطنة و هي البعد مثل اللقاء فقالوا ﴿إِنَّمٰا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ﴾ [البقرة:14] بالصفة التي لقينا فتدبر هذه الآية من حقيقة الحقيقة عند طلوع الفجر و زوال الشك بزوال الستارة و رفع الموانع يلح لك السر في سبحان و النساء و الشمس فتجد الذين لقوا كمثل الذين لقوا فتصمت و إن تكلمت هلكت و هذه حقيقة الحقيقة التي منع كشفها إلا لمن شم منها رائحة ذوقا فلا بأس فانظر و تدبر ترشد إن شاء اللّٰه تم الجزء العاشر
(الباب السادس)في معرفة بدء الخلق الروحاني
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية