إذ لو بقي الاحتمال لقدح في عدالته و هو رسول من اللّٰه فلا بد من عدالته أن تثبت في قلوبهم فلذلك كانت الخشية حتى لا ترد دعوة الحق فابتلى اللّٰه نبيه ﷺ بنكاح زوجة من تبناه و كان لو فعله عند العرب مما يقدح في مقامه و هو رسول اللّٰه فأبان اللّٰه لهم عن العلة في ذلك و هو رفع الحرج عن المؤمنين في مثل هذا الفعل ثم فصل بينه و بينهم بالرسالة و الختم فكان من اللّٰه في حق رسول اللّٰه ﷺ ما كان من يوسف حين لم يجب الداعي فهذا من هدى الأنبياء الذي قال فيه لرسوله ﷺ حين ذكر الأنبياء ع ﴿أُولٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّٰهُ فَبِهُدٰاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام:90] فلو كان رسول اللّٰه ﷺ في الحال الذي كان فيه يوسف عليه السّلام ما أجاب الداعي و لقال مثل ما قال يوسف فما «قال لو كنت أنا لأجبت الداعي» إلا تعظيما في حق يوسف كما قال نحن أولى بالشك من إبراهيم و لم يكن في شك لا هو و لا إبراهيم من الشك الذي يزعمونه الذي نفاه رسول اللّٰه ﷺ فإنه لو شك إبراهيم لكان محمد أولى بالشك منه فإنه مأموران يهتدي بهداهم فالرسل و المؤمنون الكمل ما هم واقفون مع ما يعطيهم نظرهم و إنما يقفون مع ما يأتيهم من ربهم و الذي يأتيهم من اللّٰه قد يكون كما قلنا أمرا و عرضا فالأمر معمول به و لا بد و في العرض التخيير كما قررنا و أما حالهم في معرفتهم بالله فكما قلنا في قصيدة لنا
معارف الحق لا تخفى على أحد *** إلا على أحد لا يعرف الأحدا
(و كما قلنا)
إذا كان مشهودي هو الكيف و الكم *** فما ذاك إلا الوهم ما ذلك العلم
بما هو عين الأمر في عين ذاته *** و هل يتجلى الحق فيما له كم
فما هو حق في الحقيقة واضح *** و لكنه حق عليه بنا ختم
تنزهت بي عن لم و كيف و كم و ما *** و هل عين لفظ قد يكون له الحكم
و هل ثم موجود يصح فإن تزد *** فما زدت إلا ما يكونه الوهم
بذاك أتى القرآن إن كنت ناظرا *** كما قد أتى للمؤمنين به الفهم
فهذا ذكر حكيم يعطي من عوارف المعارف و الآداب ما لا يسعه كتاب
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية