﴿إِنّٰا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾ [الصافات:166] فأثنوا على أنفسهم بعد معرفتهم و تعريفهم بمقامهم فلا ينقصهم هذا الثناء و لا يحط مرتبتهم و إذا لم يؤثر عين التحكيم في المقام فلا بأس به و تركه أعلى لأنه على كل حال فراغ و ما وقع مثل هذا من جبريل إلا لكونه معلما رسول اللّٰه صلوات اللّٰه عليهما و المعلم ينبه التلميذ بمرتبته لتعلو همته ليلحق بمعلمه و منهم من يبلغ في التحكيم أن يقسم على اللّٰه في أمر فيبر الحق قسمه و مع هذا يستغفر اللّٰه فلو لا إن فيه رائحة ما استغفر و الحكايات في التحكيم عن الصالحين كثيرة و لا سيما ما يحكى عن عبد القادر الجيلي رحمه اللّٰه كان ببغداد أدركناه بالسن و كالذي سجد و حلف أن لا يرفع رأسه من سجدته حتى ينزل الغيث فأبر اللّٰه قسمه و كالذي وقف على رأس بئر و قد عطش و لم يكن له حبل و لا ركوة فقال لئن لم تسقني لأغضبن ففاض الماء على فم البئر فسئل على من تغضب فقال على نفسي فامنعها الماء
[التحكم عند ابن العربي]
و أما عين التحكيم عندنا فأمر هين في شهود المعرفة فإن التحكيم للظاهر في المظهر فما تحكم إلا من له التحكم فمهما ظهر الظاهر به دل على إن استعداد المظهر أعطى هذا فيفرق بينه و بين ما يعطيه مظهر آخر من عدم التحكيم و هذه طريقة انفردنا بإظهارها في الوجود لأنها تقرب على أهل اللّٰه مأخذ الأمور و لا تستعظم شيئا مما ظهر فإنه ما ظهر إلا ممن له ﴿اَلْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ﴾ [الروم:4]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية