[متعلق الشوق ليس بحاضر إنما متعلقة غائب غير مشهود له في الحال]
و لما كان الحب لا يتعلق إلا بمعدوم كما قدمناه في باب المحبة كذلك الشوق لا يصح أن يتعلق بحاضر و إنما متعلقة غائب غير مشهود له في الحال و لذا كان الشوق من أوصاف المحبة و لهذا يطرد و ينعكس فيقال كل محب مشتاق و كل مشتاق محب و من ليس بمشتاق فليس بمحب و من ليس بمحب فليس بمشتاق و «قد ورد خبر لا علم لي بصحته إن اللّٰه تعالى ذكر المشتاقين إليه و قال عن نفسه إنه أشد شوقا إليهم» كما يليق بجلاله فشوقه إليهم أن ينيلهم الراحة بلقاء من اشتاقوا إليه و الوقت المقدر الذي لا يتبدل لم يصل فلا بد من تأخر وجود ما وقع الشوق الإلهي إليه هذا إن صح الخبر و لا علم لي به لا من الكشف و لا من رواية صحيحة إلا أنه مذكور مشهور و قد اتصفت الجنة بالاشتياق إلى علي و سلمان و عمار و بلال و تكلم الناس في ذلك من حيث اشتقاق أسماء هؤلاء من العلو و السلامة و العمران و الاستبلال و لكن ما هو محقق فإن الشوق أمر ذوقي و لو خطر لي هذا الخبر حين رأيت الجنة لسألتها عن شوقها لهؤلاء دون غيرهم فإنها أعرف بالسبب الذي أداها إلى الشوق لهؤلاء الأربعة و كذلك النبي ﷺ قد رأيته مرارا و سألته عن أشياء و ما خطر لي أن أسأله عن شوق الجنة لهؤلاء بل شغلني ما كان أهم علي منه و الشوق علم ذوق يعرفه كل مشتاق من نفسه
(الباب الأحد و الثمانون و مائة في معرفة مقام احترام الشيوخ)
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية