و مع هذا كله فلا يرفع بذلك أحد من الناس رأسا إلا أهل اللّٰه و هم أهل القرآن خاصة اللّٰه و أما الآيات الغير المعتادة و هي خرق العوائد فهي التي تؤثر في نفوس العامة مثل الزلازل و الرجفات و الكسوف و نطق حيوان و مشي على ماء و اختراق هواء و إعلام بكوائن في المستقبل تقع على حد ما أعلم و الكلام على الخواطر و الأكل من الكون و إشباع القليل من الطعام الكثير من الناس هذا تعتبره العامة خاصة و متى لم يكن خرق العادة عن استقامة أو منبها و باعثا على الرجوع إلى اللّٰه و يرجع و ليس له فيه تعمل فهو مكر و استدراج من حيث لا يعلم و هذا هو الكيد المتين تحف اللّٰه مع المخالفات و فيه سر عجيب للعارفين لو لا ما في إذاعته من الضرر في العموم لذكرناه و ما كل ما يدرى يقال و ليس خرق العوائد إلا أول مرة فإذا عاد ثانية صار عادة و أما في الحقيقة فالأمر جديد أبدا و ما ثم ما يعود فما ثم خرق عادة و إنما هو أمر يظهر زي مثله لا عينه فلم يعد فما هو عادة فلو عاد لكان عادة و انحجب الناس عن هذه الحقيقة و قد نبهتك على ما هو الأمر عليه إن كنت تعقل ما أقول فالألوهة أوسع من أن تعيد و لكن الأمثال حجب على أعين العمي الذين ﴿يَعْلَمُونَ ظٰاهِراً مِنَ الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا وَ هُمْ عَنِ الْآخِرَةِ﴾ [الروم:7] و هو وجود عين المثل الثاني ﴿هُمْ غٰافِلُونَ﴾ [الروم:7] ف ﴿هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [ق:15] فالممكنات غير متناهية و القدرة نافذة و الحق خلاق فأين التكرار إذ لا يعقل إلا بالإعادة فالإعادة خرق العادة (انتهى النصف الأول من الجزء الثاني من الفتوحات المكية و يليه النصف الثاني أوله الباب السابع و الثمانون و مائة في معرفة مقام المعجزة) الفتوحات المكية التي فتح اللّٰه بها على الشيخ الإمام العامل الراسخ الكامل خاتم الأولياء الوارثين برزخ البرازخ محيي الحق و الدين أبي عبد اللّٰه محمد بن علي المعروف بابن عربي الحاتمي الطائي قدس اللّٰه روحه و نور ضريحه آمين بقية الجزء الثاني بسم اللّٰه الرحمن الرحيم
(الباب السابع و الثمانون و مائة في معرفة مقام المعجزة و كيف يكون هذا
المعجز كرامة لمن كان له معجزا لاختلاف الحال)
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية