فهذا القدر مما يتعلق بهذا الباب من الاستقراء و أما كونه لا يفيد العلم في هذا الموطن فإنه ما من أصل ذكرناه يقبل صورا ما إلا يجوز بل يقع و قد وقع أنه يتكرر في تلك الصور مراتب عديدة و هذا «قد ورد في الأخبار أن جبريل عليه السلام نزل مرارا على صورة دحية الكلبي» و لما لم يصح عندنا في التجلي الإلهي أن يتكرر تجل إلهي لشخص واحد مرتين و لا يظهر في صورة واحدة لشخصين علمنا إن الاستقراء لا يفيد علما فإن جناب التجلي لا يقبل التكرار فخرج عن حكم الاستقراء من وجه عدم التكرار و لحق به من حيث التحول في الصور و قد ورد التحول في حديث مسلم في حديث الشفاعة من كتاب الايمان فلا يعول على الاستقراء في شيء من الأشياء لا في الأحوال و لا في المقامات و لا في المنازل و لا في المنازلات ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4]
(الباب السابع و الخمسون في معرفة تحصيل علم الإلهام بنوع ما من أنواع الاستدلال و معرفة النفس)
لا تحكمن بإلهام تجده فقد *** يكون في غير ما يرضاه واهبه
و اجعل شريعتك المثلى مصححة *** فإنها تمر يجنيه كاسبه
له الإساءة و الحسنى معا فكما *** تعلى طرائقه تردى مذاهبه
فاحذره إن له في كل طائفة *** حكما إذا جهلت فينا مكاسبه
لا تطلبن من الإلهام صورته *** فإن وسواس إبليس يصاحبه
في شكله و على ترتيب صورته *** و إن تميز فالمعنى يقاربه
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية