«وما تشاءون» بالتاء والياء اتخاذ السبيل بالطاعة «إلا أن يشاء الله» ذلك «إن الله كان عليما» بخلقه «حكيما» في فعله.
يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (31)
لو كان الأمر كما يتوهمه من لا علم له ، من عدم مبالاة الحق بأهل الشقاء ما وقع الأخذ بالجرائم ، ولا وصف اللّه نفسه بالغضب ، ولا كان البطش الشديد ، فهذا كله من المبالاة والتهمم بالمأخوذ ، إذ لو لم يكن له قدر ما عذب ولا استعد له ،
وقد قيل في أهل الشقاء (أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) فلو لا المبالاة ما ظهر هذا الحكم .
(77) سورة المرسلات مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
جاء في نزول سورة المرسلات وغيرها أنها نزلت مرتين .
------------
(31) الفتوحات ج 3 /
463
ثم قال : ( وما تشاءون إلا أن يشاء الله ) أي : لا يقدر أحد أن يهدي نفسه ، ولا يدخل في الإيمان ولا يجر لنفسه نفعا ، ( إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما ) أي : عليم بمن يستحق الهداية فييسرها له ، ويقيض له أسبابها ، ومن يستحق الغواية فيصرفه عن الهدى ، وله الحكمة البالغة ، والحجة الدامغة ; ولهذا قال تعالى : ( إن الله كان عليما حكيما )
قوله تعالى {إن هذه} أي السورة {تذكرة} أي موعظة {فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا} أي طريقا موصلا إلى طاعته وطلب مرضاته. وقيل {سبيلا} أي وسيلة. وقيل وجهة وطريقا إلى الجنة. والمعنى واحد. {وما تشاؤون} أي الطاعة والاستقامة واتخاذ السبيل إلى الله {إلا أن يشاء الله} فأخبر أن الأمر إليه سبحانه ليس إليهم، وأنه لا تنفذ مشيئة أحد ولا تتقدم، إلا أن تتقدم مشيئته. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو {وما يشاؤون} بالياء على معنى الخبر عنهم. والباقون بالتاء على معنى المخاطبة لله سبحانه. وقيل : إن الآية الأولى منسوخة بالثانية. والأشبه أنه ليس بنسخ، بل هو تبيين أن ذلك لا يكون إلا بمشيئته. قال الفراء {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله} جواب لقوله {فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا} ثم أخبرهم أن الأمر ليس إليهم فقال {وما تشاؤون} ذلك السبيل {إلا أن يشاء الله} لكم. {إن الله كان عليما} بأعمالكم {حكيما} في أمره ونهيه لكم. وقد مضى في غير موضع. {يدخل من يشاء في رحمته} أي يدخله الجنة راحما له {والظالمين} أي ويعذب الظالمين فنصبه بإضمار يعذب. قال الزجاج : نصب الظالمين لأن قبله منصوب؛ أي يدخل من يشاء في رحمته ويعذب الظالمين أي المشركين ويكون {أعد لهم} تفسيرا لهذا المضمر؛ كما قال الشاعر : أصبحت لا أحمل السلاح ولا ** أملك رأس البعير إن نفرا والذئب أخشاه إن مررت به ** وحدي وأخشى الرياح والمطرا أي أخشى الذئب أخشاه. قال الزجاج : والاختيار النصب وإن جاز الرفع؛ تقول : أعطيت زيدا وعمرا أعددت له برا، فيختار النصب؛ أي وبررت عمرا أو أبر عمرا. وقوله في الشورى {يدخل من يشاء في رحمته والظالمون}[
الشورى : 8] ارتفع لأنه لم يذكر بعده فعل يقع عليه فينصب في المعنى؛ فلم يجز العطف على المنصوب قبله فارتفع بالابتداء. وها هنا قوله {أعد لهم عذابا} يدل على ويعذب، فجاز النصب. وقرأ أبان بن عثمان {والظالمون} رفعا بالابتداء والخبر {أعد لهم}. {عذابا أليما} أي مؤلما موجعا. وقد تقدم هذا في سورة البقرة وغيرها والحمد لله.
إن هذه السورة عظة للعالمين، فمن أراد الخير لنفسه في الدنيا والآخرة اتخذ بالإيمان والتقوى طريقًا يوصله إلى مغفرة الله ورضوانه. وما تريدون أمرًا من الأمور إلا بتقدير الله ومشيئته. إن الله كان عليمًا بأحوال خلقه، حكيمًا في تدبيره وصنعه. يُدْخل مَن يشاء مِن عباده في رحمته ورضوانه، وهم المؤمنون، وأعدَّ للظالمين المتجاوزين حدود الله عذابًا موجعًا.
{ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ } فإن مشيئة الله نافذة، { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } فله الحكمة في هداية المهتدي، وإضلال الضال.
"وما تشاؤون"، قرأ ابن كثير، وابن عامر، وأبو عمرو: يشاؤون بالياء، وقرأ الآخرون بالتاء، "إلا أن يشاء الله" أي لستم تشاؤون إلا بمشيئة الله عز وجل، لأن الأمر إليه "إن الله كان عليماً حكيماً".
(وَما) نافية و(تَشاؤُنَ) مضارع مرفوع والواو فاعل والجملة مستأنفة و(إِلَّا) حرف حصر (أَنْ يَشاءَ اللَّهُ) مضارع منصوب بأن ولفظ الجلالة فاعل والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر بالإضافة لظرف محذوف أي إلا وقت مشيئة اللّه و(إِنَّ اللَّهَ كانَ) إن واسمها وماض ناقص اسمه مستتر و(عَلِيماً حَكِيماً) خبران والجملة الفعلية خبر إن والجملة الاسمية تعليلية.
Traslation and Transliteration:
Wama tashaoona illa an yashaa Allahu inna Allaha kana AAaleeman hakeeman
Yet ye will not, unless Allah willeth. Lo! Allah is Knower, Wise.
Ve Allah dilemedikçe onlar, dileyemezler; şüphe yok ki Allah, her şeyi bilir, hüküm ve hikmet sahibidir.
Cependant, vous ne saurez vouloir, à moins qu'Allah veuille. Et Allah est Omniscient et Sage.
Und ihr wollt nicht außer, daß ALLAH will. Gewiß, ALLAH ist immer allwissend, allweise.
|
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الانسان (Al-Insan - The Man) |
ترتيبها |
76 |
عدد آياتها |
31 |
عدد كلماتها |
243 |
عدد حروفها |
1065 |
معنى اسمها |
(الْإِنْسَانُ): مَعْرُوفٌ، وَهُوَ الْمُكَلَّفُ بِعِبَادَةِ اللهِ تَعَالَى وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ |
سبب تسميتها |
دِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الإِنْسَانِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ: ﴿هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ﴾ وَسُورَةَ ﴿ٱلدَّهۡرِ﴾ |
مقاصدها |
تَذْكِيرُ الْإِنْسَانِ بِنِعْمَةِ خَلْقِهِ وَمَصِيرِهِ لِلْاتِّعَاظِ وَالْاعْتِبَارِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آياتِهَا |
فضلها |
تُسَنُّ قِراءتُها فَجرَ الجُمُعَةِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ يَومَ الْجُمُعَةِ ﴿الٓمٓ ١ تَنزِيلُ﴾ السَّجْدَةَ وَ ﴿هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ﴾». (رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسْلِم).
مِنَ النَّظَائِرِ الَّتِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَفِي حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّويْلِ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ النَّظَائِرَ، السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ، .... (وَهَلْ أَتَى وَلاَ أُقْسِمُ بِيَومِ الْقِيامَةِ) فِي رَكْعَةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الإِنْسَانِ) بِآخِرِهَا: التَّذْكِيرُ بِخَلْقِ الْإِنْسَانِ، فَقَالَ فِي أَوَّلِهَا: ﴿إِنَّا خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجٖ نَّبۡتَلِيهِ فَجَعَلۡنَٰهُ سَمِيعَۢا بَصِيرًا ٢﴾، وَقَالَ فِي أَوَاخِرِهَا: ﴿نَّحۡنُ خَلَقۡنَٰهُمۡ وَشَدَدۡنَآ أَسۡرَهُمۡۖ ...٢٨﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْإِنْسَانِ) لِمَا قَبْلَهَا مِنْ سُورَةِ (الْقِيَامَةِ): خُتِمَتِ (الْقِيَامَةُ) بِتَذْكِيرِ الْإِنْسَانِ بِأَصْلِ خِلْقَتِهِ، فَقَالَ: ﴿أَلَمۡ يَكُ نُطۡفَةٗ مِّن مَّنِيّٖ يُمۡنَىٰ ٣٧ ثُمَّ كَانَ عَلَقَةٗ فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ ٣٨﴾، وَافْتُتِحَتِ (الْإِنْسَانُ) بِالْمَوضُوعِ نَفْسِهِ، فَقَالَ: ﴿إِنَّا خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجٖ نَّبۡتَلِيهِ فَجَعَلۡنَٰهُ سَمِيعَۢا بَصِيرًا ٢﴾ |