فكان هو السبب الذي ينجي فلما نجاه اللّٰه و أغاثه و استقل قال هذا أيضا من جملة الأسباب التي يقوم بعضها عن بعض فيما نريده فجعله واحدا من الأسباب و هو المشرك فما خرج إلا نكدا و لهذا سارع في الرجعة إلى السبب الظاهر فتميز الفريقان و إنما كان فريقان في العالم بهذه المثابة لما حكم به الأصل فإن الأصل فيه جبر و اختيار فبالاختيار لم يزل يسقط من الخمسين صلاة عشرا عشرا حتى انتهى إلى خمسة و بعدم الاختيار أثبتها خمسة و قال ﴿مٰا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ﴾ [ق:29] و كان المجبر له ما أعطاه المعلوم فلم يتعد علمه فيه و الذين يلجئون فيه إلى اللّٰه في حال الاضطرار الكلي استنادهم من حيث لا يعلمون إلى هذا الأصل في الحكم و الفريق الآخر استناده إلى حكم الاختيار في أنه تعالى ﴿فَعّٰالٌ لِمٰا يُرِيدُ﴾ [هود:107] فأهل الضرورة في الرجعة أحق و أهل الاختيار في الرجعة أوفق و أسعد فالذي خرج نكدا له من الأحوال الإلهية «قوله تعالى ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نسمة المؤمن يكره الموت و أكره مساءته و لا بد له من لقائي» يقول لا بد أن أميته على كره مني و هو المعلوم الذي جعلني في هذا لأني علمت منه وقوع هذا فلو لا حصول العلم عنده من الممكنات كما هي في أنفسها عليه ما صح تردد و لا فعل ما فعله أو بعض ما فعله على كره فانظر فيما أعطاه هذا الذكر من العلم القريب
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية