و أما قولهم الفناء عن الفناء فما هو نوع ثامن و إنما هو الفاني إذا لم يعلم في فنائه إنه فإن فذلك الفناء عن الفناء كصاحب الرؤيا الذي لا يعلم أنه في رؤيا فهو حال تابع في كل نوع يقوم من أنواع الفناء و حال الفناء لا ينال بتعمل أي لا يقصد و أدناه درجة حكمه في المتفكر فإذا استغرق الإنسان الفكر في أمر ما من أمور الدنيا أو في مسألة من العلم فتحدثه و لا يسمعك و تكون بين يديه و لا يراك و ترى في عينه جمودا في تلك الحالة فإذا عثر على مطلوبه أو طرأ أمر يرده إلى إحساسه حينئذ يراك و يسمعك فهذه أدنى درجاته في العالم و سبب ذلك ضيق المحدث فإنه لا شيء أوسع من حقيقة الإنسان و لا شيء أضيق منها فأما اتساع القلب فإنه لا يضيق عن شيء و لكن عن شيء واحد و أما ضيقه فإنه لا يسع خاطرين معا فإنه أحدي الذات فلا يقبل الكثرة فهو من حيث هذه الحقيقة في الحكم الإلهي في معنى قوله ﴿فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ﴾ [آل عمران:97] و في الرتبة الأخرى في «قوله فأحببت إن أعرف»
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية