و ذلك كله رحمة بنا لنحذر الوقوع فيه و الاتصاف بتلك الصفات فإن القرآن علينا نزل فلم تتضمن سورة من القرآن في حقنا رحمة أعظم من هذه السورة لأنه كثر من الأمور التي ينبغي أن يتقيها المؤمن و يجتنبها فلو لم يعرفنا الحق تعالى بها ربما وقعنا فيها و لا نشعر فهي سورة رحمة للمؤمنين
[رجال نفس الرحمن]
و إذ و قد عرفناك بمنازله فاعلم أن رجاله هم كل من كان حاله من أهل اللّٰه حال من أحاطت به الأسماء الجبروتية من جميع عالمه العلوي و السفلي فيقع منه اللجأ و التضرع إلى أسماء الرحمة فيتجلى له الاسم الرحمن الذي له الأسماء الحسنى و الذي به على العرش استوى فيهبه الاقتدار الإلهي فيمحو به آثار الأسماء القهرية فيتسع له المجال فينشرح الصدر و يجري النفس و يسرى فيه روح الحياة و تأتي إليه وفود الأسماء الرحمانية و الحقائق الإلهية بالتهاني و البشائر فمن كانت هذه حالته و يعرفها ذوقا من نفسه و هو من رجال هذا المقام فلا يغالط نفسه و كل إنسان أعلم بحاله و لا ينفعك أن تنزل نفسك عند الناس منزلة ليست لك في نفس الأمر و قد نصحتك و أبنت لك عن طريق القوم فلا تكن من الجاهلين بما عرفناك به ﴿وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتّٰى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ [الحجر:99] ف ﴿إِنَّ اللّٰهَ لاٰ يَخْفىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَ لاٰ فِي السَّمٰاءِ﴾ [آل عمران:5]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية