[اختلاف أحوال الناس في ترك الزهد]
فمن أمسك لا عن رغبة فهو زاهد أمين على إمساك حقوق الغير حتى يؤديها إلى أربابها في الأوقات المقدرة المقررة و قد يكون عن كشف و علم صحيح بأعيان أصحابها و قد لا يكون غير أنه لا يتناول منها شيئا في حق نفسه إذ كان بهذه المثابة و من أمسك عن رغبة في الممسوك و هم رجلان الواحد راجع عن مقام الزهد بلا شك لمرض قام به في نفسه فهذا ليس بشيء و الرجل الآخر و هم الأنبياء و الكمل من الأولياء فأمسكوا باطلاع عرفاني أنتج لهم أمرا عشقه بما في الإمساك من المعرفة و التحلي بالكمال لا عن بخل و ضعف يقين «أرسل اللّٰه على أيوب رجل جراد من ذهب فسقط عليه فأخذ يجمعه في ثوبه فأوحى اللّٰه إليه أ لم أكن أغنيتك عن هذا فقال لا غنى لي عن خيرك» فانظر ما أعطته معرفته
[ما زهد من زهد إلا لطلب الأكثر فزهد في الأقل]
و ما زهد من زهد إلا لطلب الأكثر فزهد في الأقل ﴿قُلْ مَتٰاعُ الدُّنْيٰا قَلِيلٌ﴾ [النساء:77] فأين الزهد فما تركوا الدنيا إلا حذرا أن يزرأهم في الآخرة فهذا عين الطمع و الرغبة فيما يتخيل فيه أنه زهد و هذا هو مقام ترك الزهد و أما حاله فالزهد في الدنيا و لهذا لا يثبت
(الباب الخامس و التسعون في معرفة أسرار الجود و أصناف الإعطاءات
مثل الكرم و السخاء و الإيثار على الخصاصة و على غير الخصاصة و الصدقة و الصلة و الهدية و الهبة و طلب العوض و تركه)
رتب العطاء كثيرة لا تحصر *** و بها على أعدائنا نستنصر
بالجود صح وجودنا في عيننا *** بل نحن منه على الحقيقة مظهر
(فصل الجود)
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية