«قال ﷺ إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فسدوا مجاريه بالجوع و العطش» لم يختلف أحد من العلماء و لا من أهل اللّٰه إنه أراد الصوم و التقليل من الطعام في السحور المسنون لمن واصل و في الإفطار لمن أفطر فإنه قال بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فلا يتعدى المريد الحد الذي سنه من شرع الطريق إلى اللّٰه به و لا تعرف قدر ما دللتك عليه إلا في نتيجته إن فتح لك هنا و لا تجع من غير صوم فإنه غير طريق مشروعة و لا تجعل سبب ذلك حديث أجر الصوم فذلك ليس لك إنما هو للعمل و دع النفس ترغب في الأجرة التي لها على ذلك فإن فيها من يطلب ذلك و أنت بالسر الإلهي و الروح الامري بمعزل عن هذا الطلب الذي تطلبه النفس الحيوانية فإنك مجموع و لا تلحق بأهل الغلط من أهل هذه الطريق الذين يجوعون تلامذتهم من غير صوم أو يصومونهم ثم يطعمونهم قبل غروب الشمس ذلك غلط منهم و جهل بطريق اللّٰه تعالى و إن كانوا يقصدون بذلك مخالفة النفوس فما هذا موضعه و إنما ينبغي أن يخالفوها في تعيين المأكول على حد مخصوص و وجه معين و ميزان مستقيم يعرفه أهل اللّٰه فإذا مالت إلى طعام خاص معين عندها حتى لا تكره شيئا من نعم اللّٰه و لقد عملت على هذا زمانا حتى طاب لي كل شيء كنت لا أقدر على أكله و تمجه نفسي و كذلك في التقليل منه و هو أشد ما على النفس أن تشرع في الشيء ثم يحال بينها و بين التملي منه و اللّٰه الموفق لا رب غيره
(الباب السابع و مائة في ترك الجوع)
الجوع بئس ضجيع العبد جاء به *** لفظ النبي فلا ترفع به رأسا
قد أدرك القوم في تعيينه غلط *** و لم يقيموا له وزنا و قسطاسا
من قال ما الجوع لم يعرف حقيقته *** و قد أضل بما قد قاله الناسا
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية