«فمن شاء فليعمل و من شاء لا يعمل» و هذه كلمة نبوية حق كلها فإن العمل ما يعود إلا على عامله و قد أضاف الأعمال إلينا فمن علم منا من هو العامل منا علم من يعود إليه العمل في الرد و هذا القدر من الإشارة في هذا الحديث كاف و لما كان اللّٰه هو الكبير المتكبر علمنا نسبة الكبر إليه و تحير من تحير في نسبة التكبر إليه فلو علم نزول الحق لعباده إذ ليس في قوة الممكن نيل ما يستحقه الحق من الغني عن العالم و في قوة الحق مع غناه من باب الفضل و الكرم النزول لعباده ما هو لعين عباده و إنما ذلك لظهور أحكام أسمائه الحسنى في أعيان الممكنات فما علم أنه لنفسه نزل لا لخلقه كما قال تعالى ﴿وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:56] فما خلقهما إلا من أجله و الخلق نزول من مقام ما يستحقه من الغناء عن العالمين فالمتخيل من العباد خلاف هذا و أنه تعالى ما نزل إلا لما هو المخلوق عليه من علو القدر و المنزلة فهذا أجهل الجاهلين فأعطى الحق هذا النزول أو ما توهمه الجاهل أن يتسمى الحق بالمتكبر عن هذا النزول و لكن بعد هذا النزول لا قبله وجودا و تقديرا لا بد من ذلك فالكبير ليس كذلك و سيرد تحقيق هذا الفصل في آخر الكتاب في الباب الثامن و الخمسين و خمسمائة إن شاء اللّٰه تعالى فهذه المنازلة تعطيك أن الحق مرآة العالم فلا يرون فيها غير ما هي صورهم عليه و هم في صورهم على درجات فهذا حصر لباب هذه المنازلة ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4]
«الباب الثلاثون و أربعمائة في معرفة منازلة
«أن حيرتك أوصلتك إلى»
»
كل من حار وصل *** و الذي اهتدى انفصل
و هو نعت ثابت *** للذي عز و جل
و هو نعت حاصل *** لعبيد قد عقل
فإذا قال فتى *** إنه اهتدى غفل
و تراه زاهيا *** في حلي و حلل
كاشفا عورته *** مثل ما جاء المثل
المثل
[الوصول إلى الحيرة في الحق هو عين الوصول إلى اللّٰه]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية