فهو تعالى السائل و المجيب و أما عبد العموم فهو الذي قال عنهم لرسول اللّٰه ص ﴿وَ إِذٰا سَأَلَكَ عِبٰادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّٰاعِ إِذٰا دَعٰانِ﴾ [البقرة:186] فما خص عبيدا من عبيد و أضافهم إليه و قوله ﴿يٰا عِبٰادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا﴾ [الزمر:53] فأضافهم إليه مع كونهم مسرفين على الإطلاق في الإسراف و نهاهم أن يقنطوا من رحمة اللّٰه و هذا و أمثاله أطمع إبليس في رحمة اللّٰه من عين المنة و لو قنط من رحمة اللّٰه لزاد إلى عصيانه عصيانا و أخبر اللّٰه عنه في إسرافه أنه يعدنا الفقر و يأمرنا بالفحشاء ليجعل فضله تعالى في مقابلة ما وعد به الشيطان من الفقر الذي هو به مأمور في قوله تعالى ﴿وَ عِدْهُمْ﴾ [هود:81] فهو مصدق لله فيما أخبر به عنه ممتثل أمر اللّٰه بشبهة في أمره في قوله ﴿وَ عِدْهُمْ﴾ [هود:81] و جعل مغفرته في مقابلة الفحشاء و الأمر بالفحشاء من الفحشاء فدخل تحت وعد الحق بالمغفرة فزاده طمعا و إن كانت دار النار مسكنه لأنه من أهلها و إن حارت عليه أو زار من اتبعه ممن هو من أهل النار فما حمل إلا ما هو منقطع بالغ إلى أجل و فضل اللّٰه لا انقطاع له لأنه خارج عن الجزاء الوفاق و رحمة اللّٰه لا تخص محلا من محل و لا دارا من دار بل وسعت كل شيء فدار الرحمة هي دار الوجود و هؤلاء العبيد المذكورون ذكرهم اللّٰه بالإضافة إليه و الإضافة إليه تشريف فجمع في الإضافة بين العبيد ﴿اَلَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ﴾ [الزمر:53] الذين نهاهم سبحانه أن يقنطوا من رحمة اللّٰه و بشرهم أنه ﴿يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً﴾ [الزمر:53] و لم يعين وقتا فقد تكون المغفرة سابقة لبعض العبيد لاحقة لبعض العبيد و بين العبيد الذين ليس للشيطان عليهم سلطان
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية