فرحمة الشيء لنفسه تمدها الرحمة الذاتية و تنظر إليها و فيها يقع الشهود من كل رحيم بنفسه فإن اللّٰه قد وصف نفسه بالحب و شدة الشوق إلى لقاء أحبابه فما لقيهم إلا بحكم هذه الرحمة التي يشهدها صاحب هذه الرحمة هي الرحمة التي كتبها على نفسه لا مشهد لها في الرحمة الذاتية و لا الامتنانية و أما رحمة الراحم بمن أساء إليه و ما يقتضيه شمول الإنعام الإلهي و الاتساع الجودي فلا مشهد لها إلا رحمة الامتنان و هي الرحمة التي يترجاها إبليس فمن دونه لا مشهد لهؤلاء في الرحمة المكتوبة و لا في الرحمة الذاتية و بهذا كان اللّٰه و الرحمن دون غير الرحمن من الأسماء ﴿لِلّٰهِ الْأَسْمٰاءُ الْحُسْنىٰ﴾ [الأعراف:180] فجميع الأسماء دلائل على الاسم الرحمن و على الاسم اللّٰه و لكن أكثر الناس لا يشعرون و ما رأيت أحدا من أهل اللّٰه نبه على تثليث الرحمة بهذا التقسيم فإنه تقسيم غريب كما هو في نفس الأمر فما علمناه إلا من الكشف و ما أدري لما ذا ترك التعبير عنه أصحابنا مع ظني بأن اللّٰه قد كشف لهم عن هذا و أما النبوات فقد علمت أنهم وقفوا على ذلك وقوف عين و من نور مشكاتهم عرفناه لأن اللّٰه رزقنا الاتباع الإلهي و الاتباع النبوي فأما الاتباع الإلهي فهو قوله تعالى ﴿وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مٰا كُنْتُمْ﴾ [الحديد:4]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية