المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الحديد: [الآية 4]
سورة الحديد | ||
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)
لا يعظم الفضل الإلهي إلا في المسرفين والمجرمين ، وأما في المحسنين فما على المحسنين من سبيل ، فإن الفضل الإلهي جاءهم ابتداء وكانوا به محسنين ، وما بقي الفضل الإلهي إلا في غير المحسنين .
(58) سورة المجادلة مدنيّة
[سورة المجادلة (58) : آية 1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)
«قَدْ سَمِعَ اللَّهُ» قال اللّه تعالى ذلك ولم يقل : سمعت ؛ لأن الآية قد تكون تعريفا من جبريل الروح الأمين بأمر اللّه أن يقول لعبده عليه السلام مثل هذا ، أي قل يا جبريل «قَدْ سَمِعَ اللَّهُ» كما قيل لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ) وهو بشر ، ويحتمل أن يكون الكلام من مرتبة خاصة ، فيقول الحق من كونه متكلما : يا محمد «قَدْ سَمِعَ اللَّهُ» فيريد باللّه هنا الاسم السميع أو العليم.
[سورة المجادلة (58) : آية 2]
الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2)
[إشارة : لا عين للشريك إذ لا شريك في العالم ]
-إشارة - «وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً» المنكر الشريك الذي أثبته المشركون بجعلهم فلم يقبله التوحيد الإلهي ، وأنكره فصار منكرا من القول وزورا ، فلم يكن ثمّ شريك له عين أصلا ، بل هو لفظ ظهر تحته العدم المحض ، فلا عين للشريك إذ لا شريك في العالم عينا وإن وجد قولا ولفظا .
------------
(29) الفتوحات ج 4 / 5تفسير ابن كثير:
يخبر تعالى عن خلقه السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ، ثم أخبر باستوائه على العرش بعد خلقهن ، وقد تقدم الكلام على هذه الآية وأشباهها في سورة " الأعراف بما أغنى عن إعادته ها هنا .
( يعلم ما يلج في الأرض ) أي : يعلم عدد ما يدخل فيها من حب وقطر ( وما يخرج منها ) من زرع ونبات وثمار ، كما قال : ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ) [ الأنعام : 59 ] .
وقوله : ( وما ينزل من السماء ) أي : من الأمطار ، والثلوج والبرد ، والأقدار والأحكام مع الملائكة الكرام ، وقد تقدم في سورة " البقرة " أنه ما ينزل من قطرة من السماء إلا ومعها ملك يقررها في المكان الذي يأمر الله به حيث يشاء تعالى .
وقوله : ( وما يعرج فيها ) أي : من الملائكة والأعمال ، كما جاء في الصحيح : " يرفع إليه عمل الليل قبل النهار ، وعمل النهار قبل الليل "
وقوله : ( وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير ) أي : رقيب عليكم ، شهيد على أعمالكم حيث أنتم ، وأين كنتم ، من بر أو بحر ، في ليل أو نهار ، في البيوت أو القفار ، الجميع في علمه على السواء ، وتحت بصره وسمعه ، فيسمع كلامكم ويرى مكانكم ، ويعلم سركم ونجواكم ، كما قال : ( ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور ) [ هود : 5 ] . وقال ( سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار ) [ الرعد : 10 ] ، فلا إله غيره ولا رب سواه . وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه سلم قال لجبريل ، لما سأله عن الإحسان : " أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " .
وروى الحافظ أبو بكر الإسماعيلي من حديث نصر بن خزيمة بن جنادة بن محفوظ بن علقمة ، حدثني أبي ، عن نصر بن علقمة ، عن أخيه ، عن عبد الرحمن بن عائذ قال : قال عمر : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : زودني كلمة أعيش بها فقال : " استح الله كما تستحي رجلا من صالح عشيرتك لا يفارقك "
هذا حديث غريب ، وروى أبو نعيم من حديث عبد الله بن معاوية الغاضري مرفوعا : " ثلاث من فعلهن فقد طعم الإيمان : من عبد الله وحده ، وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه في كل عام ، ولم يعط الهرمة ، ولا الدرنة ، ولا الشرط اللئيمة ، ولا المريضة ، ولكن من أوسط أموالكم . وزكى نفسه " ، وقال رجل : يا رسول الله ، ما تزكية المرء نفسه ؟ فقال : " يعلم أن الله معه حيث كان "
وقال نعيم بن حماد ، رحمه الله : حدثنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي ، عن محمد بن مهاجر ، عن عروة بن رويم ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيثما كنت " . غريب .
وكان الإمام أحمد ينشد هذين البيتين :
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب ولا تحسبن الله يغفل ساعة
ولا أن ما يخفى عليه يغيب
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } استواء يليق بجلاله، فوق جميع خلقه، { يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ } من حب وحيوان ومطر، وغير ذلك. { وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا } من نبات وشجر وحيوان وغير ذلك، { وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ } من الملائكة والأقدار والأرزاق.
{ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا } من الملائكة والأرواح، والأدعية والأعمال، وغير ذلك. { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ } كقوله: { مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا }
وهذه المعية، معية العلم والاطلاع، ولهذا توعد ووعد على المجازاة بالأعمال بقوله: { وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } أي: هو تعالى بصير بما يصدر منكم من الأعمال، وما صدرت عنه تلك الأعمال، من بر وفجور، فمجازيكم عليها، وحافظها عليكم.
تفسير البغوي
" هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير ".
الإعراب:
(هُوَ الَّذِي) مبتدأ وخبره والجملة استئنافية لا محل لها (خَلَقَ) ماض فاعله مستتر (السَّماواتِ) مفعول به (وَالْأَرْضَ) معطوف على السموات والجملة صلة الذي (فِي سِتَّةِ) متعلقان بخلق (أَيَّامٍ) مضاف إليه (ثُمَّ) حرف عطف (اسْتَوى) ماض فاعله مستتر (عَلَى الْعَرْشِ) متعلقان بالفعل والجملة معطوفة على ما قبلها (يَعْلَمُ) مضارع فاعله مستتر (ما) مفعول به والجملة حالية (يَلِجُ) مضارع فاعله مستتر (فِي الْأَرْضِ) متعلقان بالفعل والجملة صلة ما (وَما يَخْرُجُ مِنْها) معطوفة على ما قبلها (وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها) الجملتان معطوفتان على ما قبلهما، (وَهُوَ) الواو واو الحال ومبتدأ (مَعَكُمْ) ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر المبتدأ والجملة حالية.
(أَيْنَ ما) اسم شرط جازم في محل نصب على الظرفية المكانية متعلق بمحذوف خبر كان المقدم (كُنْتُمْ) ماض ناقص واسمه وهو في محل جزم فعل الشرط وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله والجملة استئنافية لا محل لها، (وَاللَّهُ) الواو حرف استئناف ولفظ الجلالة مبتدأ (بِما) متعلقان ببصير (تَعْمَلُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة صلة ما (بَصِيرٌ) خبر والجملة الاسمية استئنافية لا محل لها.