﴿إِنَّ اللّٰهَ لاٰ يُغَيِّرُ مٰا بِقَوْمٍ حَتّٰى يُغَيِّرُوا مٰا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد:11] و ما غيروا به أنفسهم فذلك تغيير اللّٰه بهم لأنهم ما خرجوا عما أعطاهم اللّٰه فإن اللّٰه ما كلف ﴿نَفْساً إِلاّٰ مٰا آتٰاهٰا﴾ [الطلاق:7] فما آتاها في هذا الوقت إلا ما سماه تغييرا فهو معهم في حال تغيرهم إلى أن ينقضي مدته فيبدو ﴿لَهُمْ مِنَ اللّٰهِ مٰا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ﴾ [الزمر:47] و هو مشاهدة ما هو الأمر عليه في نفسه فنفس اللّٰه عنهم بما بدا لهم منه و ما يبدو من الخير إلا الخير كما قال المعتزلي الذي كان يقول بإنفاذ الوعيد فيمن مات عن غير توبة فلما مات و هو على هذا الاعتقاد و حصل له بعد الموت شهود الأمر على ما هو به رؤي في النوم فقيل له ما فعل اللّٰه بك فقال وجدنا الأمر أهون مما كنا نعتقده و أخبر أنه رحم و لم ينفذ فيه الوعيد الذي كان يعتقد نفوذه في أمثاله و ليس إنباء الحق عباده يوم القيامة بما عملوه من الجرائم و اجترحوه من الآثام على جهة التوبيخ و التقرير و إنما ذلك على طريق الإعلام باتساع رحمة اللّٰه حيث نالها لاتساعها من لا يستحقها و ذلك بشفاعة أعيان تلك الأفعال المسماة جرائم فإن فاعلها لما كان سببا في إيجاد أعيانها من كونها أفعالا و أقام نشأتها و هي معصية في حقه لكنها نشأة مطيعة مسبحة ربها عزَّ وجلَّ تستغفر للسبب الموجب لوجودها فيجيب اللّٰه دعاءها و استغفارها لصاحبها فإنه لا علم لها بأنها معصية أو طاعة فإنها غير مكلفة بذلك و لا خلقت له فيقبل اللّٰه شفاعتها فيه فيكون ما له إلى الرحمة التي
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية