[ظلم المصطفين من عباد اللّٰه]
إذا قال اللّٰه في حق من اصطفاه من عباده إنه ﴿ظٰالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ [الكهف:35] حيث حمل الأمانة و هذا هو ظلم المصطفين من عباد اللّٰه لا ظلم يتعدى الحدود الإلهية فإنه ﴿مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّٰهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ [الطلاق:1] لأن لنفسه حدا تقف عنده و هي عليه في نفسها و ذلك الحد هو عين عبوديتها و حد اللّٰه هو الذي يكون له فإذا دخل العبد في نعت الربوبية و هو اللّٰه فقد تعدى حدود اللّٰه ﴿وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّٰهِ فَأُولٰئِكَ هُمُ الظّٰالِمُونَ﴾ [البقرة:229] لأن حد الشيء يمنع ما هو منه أن يخرج منه و ما ليس منه أن يدخل فيه هذه هي الحدود الذاتية فمن يتقيها ﴿فَأُولٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الأعراف:8] ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللّٰهِ فَلاٰ تَقْرَبُوهٰا كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ اللّٰهُ آيٰاتِهِ لِلنّٰاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [البقرة:187] فوصفهم بالتقوى إذا لم يتعدوها و جعلوها وقاية لهم
[الحدود الذاتية لله و الرسمية]
و ليس بأيدينا من الحدود الذاتية لله شيء و الذي عندنا إنما هي الحدود الرسمية و لهذا اجترأ العباد عليها و تعدوها و منها عوقبوا كما إذا أدخلهم الحق صاحب الحد فيما هو له لم يتصف بالظلم فما استوجب عقوبة و لما كان حدا رسميا قبل العبد الدخول فيه فإن دخل فيه بنفسه من غير إدخال صاحبه فقد عرض نفسه للعقوبة فصاحب الحد بخير النظرين إن شاء عاقب و إن شاء عفا و إن شاء أثنى كالمتصف بالكرم و العفو و الصفح و هذه كلها حدود رسمية للحق
[حدود اللّٰه اللفظية]
فاعلم ما نبهتك عليه من العلم الغريب في هذه المسألة فإنها من لباب المعرفة بالله و أما حدود اللّٰه اللفظية فما حجر منها شيئا سوى كلمة اللّٰه و اختلفوا في كلمة الرحمن بالألف و اللام و كذلك أيضا لم يتسم أحد بالرحمن الرحيم على أن يكون من الأسماء المركبة مثل بعل بك و رامهرمز و بلالآباذ و الحماية لهذا الاسم لم يكن عن أمر إلا هي مشروع و إنما كانت حماية غيبية أغفل اللّٰه عن التسمية بهذا الاسم المركب الناس و يكفي هذا القدر من تقوى الحدود
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية