كمثله شيء فكل عقل لم يكشف له من هذه المعرفة شيء يسأل عقلا آخر قد كشف له منها ليس في قوة ذلك العقل المسئول العبارة عنها و لا تمكن و لذلك قال الصديق العجز عن درك الإدراك إدراك و لهذا الكلام مرتبتان فافهم فمن طلب اللّٰه بعقله من طريق فكره و نظره فهو تائه و إنما حسبه التهيؤ لقبول ما يهبه اللّٰه من ذلك فافهم و أما القوة الذاكرة فلا سبيل أن تدرك العلم بالله فإنها إنما تذكر ما كان العقل قبل علمه ثم غفل أو نسي و هو لم يعلمه فلا سبيل للقوة الذاكرة إليه و انحصرت مدارك الإنسان بما هو إنسان و ما تعطيه ذاته و له فيه كسب و ما بقي إلا تهيؤ العقل لقبول ما يهبه الحق من معرفته جل و تعالى فلا يعرف أبدا من جهة الدليل إلا معرفة الوجود و أنه الواحد المعبود لا غير فإن الإنسان المدرك لا يتمكن له أن يدرك شيئا أبدا إلا و مثله موجود فيه و لو لا ذلك ما أدركه البتة و لا عرفه فإذا لم يعرف شيئا إلا و فيه مثل ذلك الشيء المعروف فما عرف إلا ما يشبهه و يشاكله و الباري تعالى لا يشبه شيئا و لا في شيء مثله فلا يعرف أبدا
[الأشياء الطبيعية لا تقبل الغذاء إلا من مشاكلها]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية