«قد ثبت أنه صلى اللّٰه عليه و سلم خرج بالناس يستسقي فصلى بهم ركعتين جهر فيهما بالقراءة و حول رداءه و رفع يديه و استسقى و استقبل القبلة» و العلماء مجمعون على إن الخروج إلى الاستسقاء و البروز عن المصر و الدعاء و التضرع إلى اللّٰه تعالى في نزول المطر سنة سنها رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و اختلفوا في الصلاة في الاستسقاء كما ذكرنا و الذي أقول به إن الصلاة ليست من شرط صحة الاستسقاء و القائلون بأن الصلاة من سنته يقولون أيضا إن الخطبة من سنته و «قد ثبت أنه صلى اللّٰه عليه و سلم صلى فيه و خطب» و اختلف القائلون بالخطبة هل هي قبل الصلاة أو بعدها فاتفق القائلون بالصلاة أن قراءتها جهر و اختلفوا هل يكبر فيها مثل تكبير العيدين أو مثل تكبير سائر الصلوات و من السنة في الاستسقاء استقبال القبلة واقفا و الدعاء و رفع اليدين و تحويل الرداء باتفاق و اختلفوا في كيفية تحويل الرداء فقال قوم يجعل الأعلى أسفل و الأسفل أعلى و قال قوم يجعل اليمين على الشمال و الشمال على اليمين و الذي أقول به أن يجمع بين الثلاث الكيفيات الأعلى أسفل و اليمين على الشمال و الباطن ظاهرا و اختلفوا متى يحول ثوبه فقال قوم عند الفراغ من الخطبة و قال قوم إذا مضى صدر من الخطبة و الذي أذهب إليه أن وقت التحويل وقت الدعاء فإنه سؤال بالحال في تحويل الحالة و اختلفوا في وقت الخروج إليه فقيل في وقت صلاة العيدين و قيل عند الزوال و روى أبو داود أن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم خرج إلى الاستسقاء حين بدا حاجب الشمس
(وصل الاعتبارات)في جميع ما ذكرناه
اعتبار الاستسقاء الاستسقاء طلب السقيا و قد يكون طالب السقيا لنفسه أو لغيره أو لهما بحسب ما تعطيه قرائن الأحوال فأما أهل اللّٰه المختصون به الذين شغلهم به عنهم و عرفهم بأنهم إن قاموا فهم معه و هو معهم و إن رحلهم رحلوا به إليه فلا يبالون في أي منزل أنزلهم إذ كان الحق مشهودهم في كل حال فإن عاشوا في الدنيا فيه عيشهم و إن انقلبوا إلى الأخرى فإليه انقلابهم فلا أثر لفقد الأسباب عندهم و لا لوجودها فهؤلاء لا يستسقون في حق نفوسهم إذ علموا إن الحياة تلزمهم لأنها أشد افتقارا إليهم منهم إليها و فائدة الاستسقاء إبقاء الحياة الدنيا فاستسقاء العلماء بالله في الزيادة من العلم بالله كما قال اللّٰه لنبيه صلى اللّٰه عليه و سلم حين أمره ﴿وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾ [ طه:114]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية