[الفتى الفائت المتكلم الصامت]
اعلم أيها الولي الحميم و الصفي الكريم أني لما وصلت إلى مكة البركات و معدن السكنات الروحانية و الحركات و كان من شأني فيه ما كان طفت ببيته العتيق في بعض الأحيان فبينا أنا أطوف مسبحا و ممجدا و مكبرا و مهللا تارة ألثم و استلم و تارة للملتزم التزم إذ لقيت و أنا عند الحجر الأسود باهت الفتى الفائت المتكلم الصامت الذي ليس بحي و لا مائت المركب البسيط المحاط المحيط فعند ما أبصرته يطوف بالبيت طواف الحي بالميت عرفت حقيقته و مجازه و علمت إن الطواف بالبيت كالصلاة على الجنازة و أنشدت الفتى المذكور ما تسمعه من الأبيات عند ما رأيت الحي طائفا بالأموات شعر
و لما رأيت البيت طافت بذاته *** شخوص لهم سر الشريعة غيبي
و طاف به قوم هم الشرع و الحجا *** و هم كحل عين الكشف ما هم به عمى
تعجبت من ميت يطوف به حي *** عزيز وحيد الدهر ما مثله شيء
تجلى لنا من نور ذات مجله *** و ليس من الأملاك بل هو أنسي
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية