اعلم أيدنا اللّٰه و إياك ﴿بِرُوحٍ مِنْهُ﴾ [المجادلة:22] أن هذا الباب قريب من الذي قبله فإن اللّٰه وصف نفسه بالتعجب و الضحك و الفرح و التبشيش و أشباه هذه الصفات الخلقية و وصف نفسه ب ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] يعني فيها ﴿وَ مٰا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ رَمىٰ﴾ [الأنفال:17] فخلصنا له منه أمرنا الحق أن نقول اللّٰه ثم نذرهم أي نترك ضميرهم و هو ضميرهم ضمير الجمع لا هو الذي هو ضمير الإفراد فإنا للفرد نخلص العبادة من الجمع فإن الجمع أظهر القسمة بين اللّٰه و بين عبده في العبادة و هي لله لا للمكلف من حيث صورته و إن كانت له من حيث جمعيته بالله فهنا رسخت قدم الشيخ أبي مدين رضي اللّٰه عنه و لم يتعد و غيره يتمم الآية فقال ﴿فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾ [الأنعام:91] فوقف أبو مدين رضي اللّٰه عنه مع قوله ﴿وَ إِذٰا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيٰاتِنٰا﴾ [الأنعام:68] و كل ما في العالم آياته فإنها دلائل عليه فأعرض عنهم فامتثل أمر اللّٰه فأعرض و وقف غيره مع أمره أن يتركهم ﴿فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾ [الأنعام:91] فامتثلنا أمر اللّٰه و تركنا هم فكشف الغطاء عن أبصارنا فعلمنا على الشهود من الخائض اللاعب و ما هو هذا الجمع الذي أظهره ضمير لفظة هم في قوله ﴿ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾ [الأنعام:91]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية