في أمر إبراهيم كيف عدل إلى ما هو أخفى في نفس الأمر و أبعد لإقامة الحجة و قامت له الحجة عليه عند قومه فكان بهته في هذا الأمر المعجز الذي أعمى بصائر الحاضرين عن معرفة عدوله من الأوضح إلى الأخفى فحصل من تعجبه و بهته في نفوس الحاضرين عجزه و هو كان المراد و لم يقدر نمروذ على إزالة ما حصل في قلوب العارفين الحاضرين من ذلك فعلم صدقه و لكن اللّٰه ما هداه أي ما و فقه للإيمان «لقوله ﷺ فإنه عالم بأنه على الحق» و لا يصح بهت إلا في تجلى ما عند الحق و ما عند الحق إلا ما أنت عليه فإنه ما يظهر إليك إلا بك فتقر به فيك و تنكر ما أنت به مقر فيه و ذلك لجهلك بك و بربك لأنك لو عرفت نفسك عرفت ربك فما ثم إلا خلق و هو ما تراه و تشهده و لو فتشت على دقائق تغيراتك في كل نفس لعلمت أن الحق عين حالك و أنه من حيث هو وراء ذلك كله كما هو عين ذلك كله فالحق خلق و ما الخلق حق و إن اختلفت عليه الأسماء أ ليس مما عند اللّٰه دك جبل موسى فصعق و هو أعظم من البهت و ما أصعقه إلا ما عنده و هو ممن طلب أن يرى ربه فلما علم موسى عليه السّلام عند ذلك ما لم يكن يعلم من صورة الحق مع العالم قال ﴿تُبْتُ إِلَيْكَ﴾ [الأعراف:143] أي لا أطلب رؤيتك على الوجه الذي كنت طلبتها به أولا فإني قد عرفت ما لم أكن أعلمه منك ﴿وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف:143] بقولك ﴿لَنْ تَرٰانِي﴾ [الأعراف:143]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية