﴿أَ لاٰ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ﴾ [الملك:14] و جميع ما هم فيه خلقه تعالى ﴿وَ هُوَ اللَّطِيفُ﴾ [الأنعام:103] بسؤاله ﴿اَلْخَبِيرُ﴾ [الأنعام:18] بما سأل عنه لأنه واقع فكل علم عنده عن وقوع فهو به خبير و تعلقه به قبل وقوعه هو به عليم فمن أدب الملائكة لعلمهم بما قصد الحق منهم «أجابوه تعالى فقالوا تركناهم و هم يصلون و أتيناهم و هم يصلون لأن عروج الملائكة عنهم و نزولهم عليهم كان عند صلاة العصر و صلاة الصبح كذا ورد الخبر» فأقول مجيبا للحق عرفتهم لما عرفت آدابك فنسبتهم إليك فقلت هؤلاء أولياء اللّٰه و علامتهم إذا رأوا ذكر اللّٰه لتحققهم بالله و ليس إلا العبودة المحضة الخالصة التي لا تشوبها ربوبية بوجه من الوجوه فهذه آدابك و كل نعت يرى فيهم فيه رائحة ربوبية فهو أدب الخلافة لا أدب الولاية فالولي ينصر و لا ينتصر و الخليفة ينتصر و ينتصر و الزمان لا يخلو من منازع و الولي لا يسامح فإن سامح فليس بولي و لا يؤثر على جناب الحق شيئا فهو كله لله و الخليفة هو لله في وقت و للعالم في وقت فوقتا يرحج جناب الحق غيرة و وقتا يرجح جناب العالم فيستغفر لهم مع ما وقع منهم مما يغار له الولي و هؤلاء هم المفردون الذين تولى اللّٰه آدابهم بنفسه يقول الخليفة لأزيدن على السبعين في وقت و يدعو على رعل و ذكوان و عصية في وقت و أين الحال من الحال فالخليفة تختلف عليه الأحوال و الولي لا تختلف عليه الحال فالولي لا يتهم أصلا و الخليفة قد يتهم لاختلاف الحال عليه فما يدعي دعوى إلا و عجزه يكذبه مع صدقه حال آخر يبدو منه فآداب الأولياء آداب الأرواح الملكية أ لا ترى إلى جبريل عليه السّلام يأخذ حال البحر فيلقمه في فم فرعون حتى لا يتلفظ بالتوحيد و يسابقه مسابقة غيرة على جناب الحق مع علمه بأنه قد علم أنه لا إله إلا اللّٰه و غلبه فرعون فإنه قال كلمة التوحيد بلسانه كما أخبر اللّٰه تعالى عنه في الكتاب العزيز و الخليفة يقول لعمه قلها في أذني أشهد لك بها عند اللّٰه و هو يأبى و أين هذا الحال من حال قول الخليفة الآخر
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية