و قوله ﴿يُرِيدُ اللّٰهُ بِكُمُ﴾ [البقرة:185] فأثبت العلم و المشيئة معا لله و علم اللّٰه لا يخلو من أحد أمرين و كذلك إرادته إما أن تكون صفة له قائمة به زائدة على ذاته و إن كان مثبتو الصفات يقولون لا هي هو و لا هي غيره و لكن لا بد أن يقولوا بأنها زائدة كما يعتقده الأشعري أو تكون عين ذاته إلا أن لها نسبة خاصة لأمر ما تسمى بتلك النسبة علما و هكذا سائر ما تسمى به مما يطلبه تعالى فما أثبت و لا نفي إلا تعلق العلم و الإرادة و لكن ما ورد الكلام إلا بنفي العلم بأمر ما و الإرادة فتعلم قطعا إن نفي العلم علم و أن العلم تابع للمعلوم يصير معه حيث صار و يتعلق به على ما هو عليه في نفسه و ذاته لا ينتفي عنها الوجود و لا كل ما ثبت له القدم من صفة و غيرها فما بقي أن ينتفي إلا التعلق الخاص و هو أمر يحدث أو نسبة كيف شئت فقل و لا يتوجه النفي و الإثبات إلا على حادث أي على ممكن سواء كان ذلك الحكم موصوفا بالوجود أو بالعدم فناب العلم هنا مناب التعلق حين نفيته بأداة لو في قوله ﴿لَوْ عَلِمَ﴾ [الأنفال:23] و ﴿لَوْ شٰاءَ﴾ [البقرة:20] فما علم و ما شاء هذا هو الأمر الحادث المعين فقد علم أنه لو علم و لا يقال أنه قد شاء أن يقول لو شاء فإن المشيئة متعلقها العدم و لا يصح أن يحدث القول في ذات اللّٰه فإنه ليس بمحل للحوادث فلا يقال قد شاء أن يقول و التحقيق أنه ما أراد من المراد إلا ما هو المراد عليه من الاستعداد في حال العدم أن يكون به في حال الوجود أو يتصف به عند انتفائه عن الوجود أو انتفاء حكم الوجود عنه كيف شئت فقل و لما بان الفرقان بين المشيئة و العلم علمنا أنهما نسبتان لذات العالم و المريد أو صفتان في مذهب من يقول بالصفات من المتكلمين و لو لا علمنا بالأصل الذي هون علينا سماع مثل هذا لكانت الحيرة في اللّٰه أشد و الأصل ما هو إلا أن اللّٰه تعالى ما أرسل رسولا ﴿إِلاّٰ بِلِسٰانِ قَوْمِهِ﴾ [ابراهيم:4]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية