فلا يبقى عذاب في النار بعد انقضاء مدته إلا العذاب الممثل المتخيل في حضرة الخيال لبقاء أحكام الأسماء فإنه ليس للاسم إلا ما تطلبه حقيقته من ظهور حكمه و ليس له تعيين حضرة و لا شخص و إنما ذلك من حكم الاسم العالم و المريد فحيث ظهر حكم المنتقم من جسد أو جسم أو ما كان فقد استوفى حقه بظهور حكمه و تأثيره فلا تزال الأسماء الإلهية مؤثرة حاكمة أبد الآبدين في الدارين و ما أهلهما منهما بمخرجين و لما كانت الرؤية لأهل الجنان جعل الحجاب في مقابلته لأهل النار و حجابهم مدة عذابهم حتى لا تزيدهم الرؤية عذابا كما زادتهم السورة القرآنية هنا ﴿رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ﴾ [التوبة:125] و مرضا إلى مرضهم فإذا انقضت المدة بقي الحجاب دونهم مسدلا لينعموا فإنه لو تجلى لهم هنالك مع ما تقدم لهم من الإساءة و استحقاق العقوبة أورثهم ذلك التجلي الإحساني حياء من اللّٰه مما جرى منهم و الحياء عذاب و قد انقضت مدته و هم لا يعلمون لذة الشهود و الرؤية فلهم نعيم بالحجاب و الغرض النعيم و قد حصل و لكن بمن فأين النعيم برؤية اللّٰه من النعيم بالحجاب فهم عن ربهم يومئذ محجوبون : ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية