و ما بدا من عدم لكنه *** من كون حق ظاهر لا يستسر
[أن القمر مقام برزخي بين مسمى الهلال و مسمى البدر]
اعلم أيدك اللّٰه أن القمر مقام برزخي بين مسمى الهلال و مسمى البدر في حال زيادة النور و نقصه فسمي هلالا لارتفاع الأصوات عند رؤيته في الطرفين و يسمى بدرا في حال عموم النور لذاته في عين الرائي و ما بقي للقمر منزل سوى ما بين هذين الحكمين غير أن بدريته في استتاره عن إدراك الأبصار تحت شعاع الشمس الحائل بين الأبصار و بينه يسمى محقا و هو من الوجه الذي يلي الشمس بدر كما هو في حال كونه عندنا بدرا هو من الوجه الذي لا يظهر فيه الشمس محق و ما بين هذين المقامين على قدر ما يظهر فيه من النور ينقص من الوجه الآخر و على قدر ما يستتر به من أحد الوجهين يظهر بالنور من الوجه الآخر و ذلك لتعويج القوس الفلكي فلا يزال بدرا دائما و محقا دائما و ذلك لسر أراد اللّٰه إعلامه للعارفين بالله فضرب لهم هذا المثل بالفعل ليعتبروا فيه بالعبور إلى ما نصب له من معرفة الإنسان الكامل و معرفة اللّٰه لوجوده على الصورة و تغير أحواله فيها لتغير المراتب التي يظهر فيها قال تعالى ﴿وَ الْقَمَرَ قَدَّرْنٰاهُ مَنٰازِلَ﴾ [يس:39] و لم يسمه بدرا و لا هلالا فإنه في هاتين الحالتين ما له سوى منزلة واحدة بل اثنتين فلا يصدق قوله ﴿مَنٰازِلَ﴾ [يونس:5]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية