أي لو لا ذلك البرزخ لم يتميز أحدهما عن الآخر و لأشكل الأمر و أدى إلى قلب الحقائق فما من متقابلين إلا و بينهما برزخ لا يبغيان أي لا يوصف أحدهما بوصف الآخر الذي به يقع التميز و هو محل دخول الجنة التي لا تنال إلا برحمة اللّٰه و لهذا لا يصح أن يكون له عمل و هو حال الدخول إليها فلا تتصف بأنك قد دخلت و لا بأنك خارج و هو خط متوهم يفصل بين خارج الجنة و داخلها فهو كالحال الفاصل بين الوجود و العدم فهو لا موجود و لا معدوم فإن نسبته إلى الوجود وجدت فيه منه رائحة لكونه ثابتا و إن نسبته إلى العدم صدقت لأنه لا وجود له و العجب من الأشاعرة كيف تنكر على من يقول إن المعدوم شيء في حال عدمه و له عين ثابتة ثم يطرأ على تلك العين الوجود و هي تثبت الأحوال اللهم منكر الأحوال لا يتمكن له هذا ثم إن هذا البرزخ الذي هو الممكن بين الوجود و العدم سبب نسبة الثبوت إليه مع نسبة العدم هو مقابلته للأمرين بذاته و ذلك أن العدم المطلق قام للوجود المطلق كالمرآة فرأى الوجود فيه صورته فكانت تلك الصورة عين الممكن فلهذا كان للممكن عين ثابتة و شيئية في حال عدمه و لهذا خرج على صورة الوجود المطلق و لهذا أيضا اتصف بعدم التناهي فقيل فيه إنه لا يتناهى و كان أيضا الوجود المطلق كالمرآة للعدم المطلق فرأى
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية