و اعلم أن الحكيم من العباد هو الذي ينزل كل شيء منزلته و لا يتعدى به مرتبته و يعطي كل ذي حق حقه لا يحكم في شيء بغرضه و لا بهواه لا تؤثر فيه الأعراض الطارئة فينظر الحكيم إلى هذه الدار التي قد أسكنه اللّٰه فيها إلى أجل و ينظر إلى ما شرع اللّٰه له من التصرف فيها من غير زيادة و لا نقصان فيجري على الأسلوب الذي قد أبين له و لا يضع من يده الميزان الذي قد وضع له في هذا الموطن فإنه إن وضعه جهل المقادير فأما يخسر في وزنه أو يطفف و قد ذم اللّٰه الحالتين و جعل تعالى للتطفيف حالة تخصه يحمد فيها التطفيف فيطفف هناك على علم فإنه رجحان الميزان و يكون مشكورا عند اللّٰه في تطفيفه فإذا علم هذا و لم يبرح الميزان من يديه لم يخط شيئا من حكمة اللّٰه في خلقه و يكون بذلك إمام وقته فأول ما يزن به الأحوال في هذا الموطن فإن اقتضى وزنه للحال إظهار الحق لعباده و تعريف الخلق به عرفهم و ذلك في الموطن الذي لا يؤدي ذكره إلى أذى اللّٰه و رسوله فإن اللّٰه قد وصف نفسه بأنه يؤذي فقال ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّٰهَ﴾ [الأحزاب:57]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية