أي لا تفرطوا بترجيح إحدى الكفتين إلا بالفضل و قال تعالى ﴿وَ نَضَعُ الْمَوٰازِينَ الْقِسْطَ﴾ [الأنبياء:47]
[ما من صنعة و لا مرتبة إلا و الوزن حاكم عليه علما و عملا]
فاعلم أنه ما من صنعة و لا مرتبة و لا حال و لا مقام إلا و الوزن حاكم عليه علما و عملا فللمعاني ميزان بيد العقل يسمى المنطق يحوي على كفتين تسمى المقدمتين و للكلام ميزان يسمى النحو يوزن به الألفاظ لتحقيق المعاني التي تدل عليه ألفاظ ذلك اللسان و لكل ذي لسان ميزان و هو المقدار المعلوم الذي قرنه اللّٰه بإنزال الأرزاق فقال ﴿وَ مٰا نُنَزِّلُهُ إِلاّٰ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ [الحجر:21] ﴿وَ لٰكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مٰا يَشٰاءُ﴾ [الشورى:27] و قد خلق جسد الإنسان على صورة الميزان و جعل كفتيه يمينه و شماله و جعل لسانه قائمة ذاته فهو لأي جانب مال و قرن اللّٰه السعادة باليمين و قرن الشقاء بالشمال و جعل الميزان الذي يوزن به الأعمال على شكل القبان و لهذا وصف بالثقل و الخفة ليجمع بين الميزان العددي و هو قوله تعالى ﴿بِحُسْبٰانٍ﴾ [الرحمن:5] و بين ما يوزن بالرطل و ذلك لا يكون إلا في القبان فلذلك لم يعين الكفتين بل قال ﴿فَأَمّٰا مَنْ ثَقُلَتْ مَوٰازِينُهُ﴾ [القارعة:6] في حق السعداء ﴿وَ أَمّٰا مَنْ خَفَّتْ مَوٰازِينُهُ﴾ [القارعة:8]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية