و ما كان اللّٰه ليدلكم على مكارم الأخلاق من العفو و الصفح و يفعل معكم خلافه فإذا وقع منكم من سفساف الأخلاق ما وقع رد الحق سبحانه أعمالكم عليكم لا أنه عاملكم بها من نفسه و إنما أعمالكم لم تتعداكم فلله المنة التي هي النعمة و الامتنان الذي هو إعطاء المنة لا المن سبحانه و تعالى و إذا أراد اللّٰه تعالى رفعة عبده عند خلقه ذكر لعباده منزلته عنده إما بالتعريف و إما بأن يظهر على يده و في حاله ما لا يمكن أن يكون إلا للمقرب من عباده فتنطلق له الألسنة و تنطق بعلو مرتبته عند سيده مثل فتحه صلى اللّٰه عليه و سلم باب الشفاعة يوم القيامة الذي اختص به على سائر الرسل و الأنبياء فيعلو مناره في ذلك الموطن على كل أحد و هنالك تطلب الرئاسة و العلو و أما في الدنيا فلا يبالي العارف كيف أصبح و لا أمسى عند الناس لأنهم في محل الحجاب و هو في موطن التكليف فكل إنسان مشغول بنفسه مطلوب بأداء ما كلف به من العمل و مما يتضمن هذا المنزل علم التنكير و هو التجلي العام و علم التعريف و هو التجلي الخاص و هو مندرج في العام كالاسم الرب إذا تجلى فيه الحق لعباده فإنه تجل عام و إذا تجلى في مثل قوله ﴿فَوَ رَبِّكَ﴾ فهو تجل خاص و إن كانت التجليات من الربوبية و لكن بينهما تباين فإن الحال التي لك مع الملك في مجلس العامة ليس هو الحال التي لك معه إذا انفردت به فلهذا مقام و علم خاص و لهذا مقام و علم خاص و التجلي العام أكثر علما و أنفع و التجلي الخاص أعظم قربة
[المعرفة أصل الأمور كلها]
و اعلم أن أصل الأمور كلها المعرفة عندنا و النكرة عرض طارئ فإذا عرض وقع الإبهام و الإشكال فالعارف من عرفه في حال التنكير فهو نكرة في العموم و عند هذا هو معرفة في النكرة إذا قال القائل كلمت اليوم رجلا فرجل هنا نكرة و هو عند من كلمه معرفة بالتعيين في حال الحكم عليه بالنكرة فالذي يشاهد العارف من الحق في حال النكرة و الإنكار من العالم هو عين المعرفة عنده لكونه أبقاه على الإطلاق الذي يستحقه في حال تقيده به العقائد فيجهله العامة في التنكير و هو مقام عظيم الفائدة للعارفين
[عدم التمكن العارف أن يسأل من الحق تعالى]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية