«قوله على لسان رسوله صلى اللّٰه عليه و سلم مرضت فلم تعدني و جعت فلم تطعمني و ظمئت فلم تسقني» فأنزل نفسه منزلة من هذه صفته من الافتقار إلى العبيد و كذلك نزوله في «قوله وسعني قلب عبدي» و من هذا الباب فرحه بتوبة عبده و تعجبه من الشاب الذي لا صبوة له و تبشبشه بالذي يأتي إلى المسجد للصلاة هذا كله و أمثاله من نعوت التنزيه و التشبيه يعطيه حكم الجلال و الاسم الإلهي الجليل و لهذا قلنا إنه يدل على الضدين كالجون ينطلق على الأبيض و الأسود و كذلك القرء ينطلق على الحيض و الطهر و من حضرة الجلال نزل قوله تعالى ﴿وَ مٰا قَدَرُوا اللّٰهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الأنعام:91] فمن وصفه إنما وصف نفسه و لا يعرف منه إلا نفسه لأن رب العزة لا يعينه وصف و لا يقيده نعت و لا يدل على حقيقته اسم خاص و إن لم يكن الحكم ما ذكرناه فما هو رب العزة فإن العزيز هو المنيع الحمى و من يوصل إليه بوجه ما من وصف أو نعت أو علم أو معرفة فليس بمنيع الحمى و لذلك عم بقوله ﴿سُبْحٰانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّٰا يَصِفُونَ﴾ [الصافات:180] و لحضرة الجلال السبحات الوجهية المحرقة و لهذا لا يتجلى في جلاله أبدا لكن يتجلى في جلال جماله لعباده فيه يقع التجلي فيشهدونه مظهر ما ظهر من القهر الإلهي في العالم
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية