إن الدلالة في التحقيق مجهلة *** ممن يقول بها و العقل يثبتها
لذاك قال غني في تنزله *** عن عالم الكون جاءت فيه آيتها
في العنكبوت فدبره تجده على *** ما قلت من نفي ما تعطي دلالتها
و ليس يعرف إلا من علامته *** دنيا و آخرة و الشرع مثبتها
[أن الغنى صفة ذاتية لله تعالى]
اعلم أيدك اللّٰه أن الغني صفة ذاتية للحق تعالى فإن اللّٰه ﴿لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [الحج:64] أي المثنى عليه بهذه الصفة و أما الغني للعبد فهو غنى النفس بالله عن العالمين «قال رسول اللّٰه ﷺ ليس الغني عن كثرة العرض لكن الغني غنى النفس خرجه الترمذي» و العرض المال و هذه كلمة نبوية صحيحة فإن غنى الإنسان عن العالم لا يصح و يصح غناه عن المال فإن اللّٰه سبحانه قد جعل مصالح العبد في استعمال أعيان بعض الأشياء و هي من العالم فلا غنى له عن استعمالها فلا غنى له عن العالم فلذلك خصصه بالمال فلا يوصف بالغنى عن العالم إلا اللّٰه تعالى من حيث ذاته جل و تعالى و الغني في الإنسان من العالم فليس الإنسان بغني عن الغني فهو فقير إليه
[أن الغني و العزة صفتان لا يصح للعبد]
و اعلم أن الغني و إن كان بالله و العزة و إن كانت بالله فإنهما صفتان لا يصح للعبد أن يدخل بهما على اللّٰه تعالى و إن كان بالله فيهما فلا بد أن يتركهما فيدخل فقيرا ذليلا و معنى الدخول التوجه إلى اللّٰه فلا يتوجه إلى اللّٰه بغناه به و لا بعزته به و إنما يتوجه إلى اللّٰه بذله و افتقاره فإن حضرة الحق لها الغيرة ذاتية فلا تقبل عزيزا و لا غنيا و هذا ذوق لا يقدر أحد على إنكاره من نفسه قال تعالى مؤدبا لنبيه ﷺ في ظاهر الأمر و هو يؤدبنا به لنتعلم ﴿أَمّٰا مَنِ اسْتَغْنىٰ فَأَنْتَ لَهُ تَصَدّٰى﴾
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية