لا يعرف اللّٰه إلا اللّٰه فاعتبروا *** ما عقل عين كعقل قلد الفكرا
[تنزيه اللّٰه عن النوم و نتائج ذلك على مستوى العلم الإلهي و الكمال الروحي]
و لما نزه اللّٰه نفسه عن صفة النوم فقال ﴿لاٰ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لاٰ نَوْمٌ﴾ [البقرة:255] أي ما يغيبه شهود البرازخ عن شهود عالم الحس عن شهود المعاني الخارجة عن المواد في حال عدم حصولها في البرزخ و تحت حكمه و قد يمنح اللّٰه بعض عباده بهذا الإدراك مع كونه لا يتصف بأنه لا ينام أعني في حالة الدنيا و نشأتها و أما في الآخرة فإنه لا ينام أهل الجنة في الجنة و لا يغيب عنهم شيء من العالم بل كل عالم على مرتبته مشهود لهم مع كونهم غير متصفين بالنوم يقال نام فلان فرأى كذا أي رأى مقلوبة و هو مان أي كذب في عرف العادة فإن العلم ما هو لبن و القرآن ما هو عسل و لكن هكذا تراه فإذا كملت رأيته علما في حضرة المعاني في حال رؤيتك إياه لبنا في حضرة البرزخ و هو هو لا غيره
[المعرفة المطلوبة منا بالإله و قبول ما جاء به الشرع مما ترده العقول]
فتحقق ما أعلمناك به فقد أرحناك بما ذكرناه راحة الأبد و قد عرفناك بالإله المعرفة المطلوبة منا و إذا تحققت ما أومأنا إليه في هذا الباب علمت جميع ما جاء به الشرع في الكتاب و السنة قديما و حديثا من النعوت الإلهية التي تردها العقول ببراهينها القاصرة عن هذا الإدراك فمعرفة وجود الحق مدرك العقول من حيث ما هي مفكرة و صاحبة دلالات و معرفة ما هو الحق عليه في نفسه هو ما أعطاه الوجود لكل إدراك في عالمه فما ثم إلا حق و مصيب فسبحان من طور الأطوار و جعل في اليوم حقيقة الليل و النهار و أنزل الأحكام و شرعها على التفصيل لا على الإجمال ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4]
[النوم من أحكام الطبيعة في مولدات العناصر]
و النوم من أحكام الطبيعة في مولدات العناصر خاصة و النشأة الآخرة ليست من مولدات العناصر بل هي من مولدات الطبيعة فلذلك لا تنام و لا تقبل النوم كالملائكة و ما علا عن العناصر و نشأة الإنسان في الآخرة على غير مثال كما كانت نشأته في الدنيا على غير مثال فما ظهر قبله من هو على صورته و لهذا جاء ﴿كَمٰا بَدَأَكُمْ﴾ [الأعراف:29] يعني على غير مثال ﴿تَعُودُونَ﴾ [الأعراف:29]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية