﴿وَ لاٰ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام:153] يعني السبيل التي لكم فيها السعادة و إلا فالسبل كلها إليه لأن اللّٰه منتهى كل سبيل ف ﴿إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ﴾ [هود:123] و لكن ما كل من رجع إليه سعد فسبيل السعادة هي المشروعة لا غير و إنما جميع السبل فغايتها كلها إلى اللّٰه أولا ثم يتولاها الرحمن آخر أو يبقى حكم الرحمن فيها إلى الأبد الذي لا نهاية لبقائه و هذه مسألة عجيبة المكاشف لها قليل و المؤمن بها أقل و لما كان سبب الجهاد أفعالا تصدر من الذين أمرنا بقتالهم و جهادهم و تلك الأفعال أفعال اللّٰه فما جاهدنا إلا فيه لا في العدو و إذ لم يكن عدوا إلا بها فإذا جاهدنا فيه و تبين لنا بقوله إذا جاهدنا فيه إن يهدينا سبله أي يبين لنا سبلها فندخلها فلا نرى إذا جاهدنا غيرا فاستغفرنا اللّٰه مما وقع منا و كان من السبل مشاهدة ما وقع منا إنه الموقع لا نحن فاستغفرنا اللّٰه أي طلبنا منه أن لا نكون محلا لظهور عمل قد وصف نفسه بالكراهة فيه فقد ثبت أنه ما في الوجود إلا اللّٰه فما جاهد فيه سواه و لو لا ما هدانا سبله ما عرفنا ذلك و لذلك تمم الآية بقوله ﴿وَ إِنَّ اللّٰهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [ العنكبوت:69] و
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية