أي يسكن و الخبت المطمئن من الأرض فالذين اطمأنوا بالله من عباده و سكنت قلوبهم لما اطمأنوا إليه سبحانه فيه و تواضعوا تحت اسمه رفيع الدرجات و ذلوا لعزته و أولئك هم المخبتون الذين أمر اللّٰه نبيه صلى اللّٰه عليه و سلم في كتابه أن يبشرهم فقال له ﴿وَ بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ﴾ [الحج:34] فإن قيل و من المخبتون فقل ﴿اَلَّذِينَ إِذٰا ذُكِرَ اللّٰهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ الصّٰابِرِينَ عَلىٰ مٰا أَصٰابَهُمْ وَ الْمُقِيمِي الصَّلاٰةِ وَ مِمّٰا رَزَقْنٰاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [الحج:35] فهذه صفات المخبتين أي كانوا ساكنين فحركهم ذكر اللّٰه بحسب ما وقع به الذكر و صبروا أي حبسوا نفوسهم على ما أصابهم من ذلك و لم يمنعهم ذلك الوجل و لا غلبة الحال عن إقامة الصلاة إذا حضر وقتها على أتم نشأتها لما أعطاهم اللّٰه من القوة على ذلك ثم مع ما هم فيه من الصبر على ما نابهم من الشدة فسألهم سائل و هم بتلك المثابة في رزق علمي أو حسي من سد جوعة أو ستر عورة أعطوه مما سألهم منه فلم يشغلهم شأن عن شأن فهذا نعت المخبتين الذي نعتهم اللّٰه به و هم ساكنون تحت مجاري الأقدار عليهم راضون بذلك من خبت النار إذا سكن لهبها
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية