ثم نحر أو ذبح قربانه ينوي بذلك تسريح روح هذا الحيوان من سجن هذا الهيكل الطبيعي المظلم إلى العالم الأعلى عالم الانفساح و الخير فإن الحيوانات كلها عندنا ذات أرواح و عقول تعقل عن اللّٰه و لهذا قال فيها تعالى ﴿كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاٰتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ﴾ [النور:41] فسرحنا أرواح هذه الحيوانات في هذا اليوم شكر اللّٰه كما خرجنا نحن فيه من حال التحجير و هو الإحرام الذي كنا عليه إلى الإحلال و التصرف في المباحات المقربة إلى اللّٰه بحكم الاختيار ثم أكلنا منها ليكون جزء منها عندنا لنشاهد ما هو عليه من الذكر المخصوص به ذوقا و لنجعله كالمساعد لنا فيما نرومه من الحركة في طاعة اللّٰه تعالى إذ لا بد من الغذاء فكان أخذ هذا النوع من الغذاء أولى
[ثم ينزل الحاج إلى البيت ذاكرا و مصليا خلف مقام إبراهيم]
ثم نزلنا إلى البيت زائرين ربنا تعالى ليرانا محلين كما يرانا محرمين على جهة الشكر له حيث سرح أعياننا و أباح لنا التصرف فيما كان حجره علينا فقبلنا يمينه على ذلك مبايعة و تحية ثم طفنا به سبعة أشواط و صلينا خلف مقام إبراهيم
[التنبيه على اتخاذ مقام إبراهيم مصلى]
و قد تقدم الكلام في المراد بالطواف و الصلاة في طواف القدوم إلا أنه ما نبهنا على اتخاذ مقام إبراهيم مصلى لننال ما ناله من الخلة على قدر ما يعطيه حالنا فإن اللّٰه أمرنا أن نتخذه مصلى و نبهنا على ما تأولناه صفة الصلاة على النبي صلى اللّٰه عليه و سلم
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية