فكل من أوجب في هذه الأفعال و أشباهها الفطر اختلفوا فمن قائل منهم عليه القضاء و من قائل منهم عليه القضاء و الكفارة و هكذا كل مختلف فيه و الذي أذهب إليه مما ذكرناه أن الاستقاء فيه القضاء للخبر و قد تقدم اعتبار ما ذكرناه من هذه الأفعال فمن أفطر في يوم يجوز له الإفطار فيه كالمرأة تفطر قبل أن تحيض ثم تحيض في ذلك اليوم و المريض و المسافر يفطران قبل المرض و قبل السفر ثم يمرض في ذلك اليوم أو يسافر فمذهبنا عليه القضاء و لا كفارة و إنما أوجبنا عليه القضاء لأنها حاضت أو مرض أو سافر و أما حكمه في الإثم حكم من أفطر متعمدا حتى أنها لو لم تحض أو لم يمرض أو لم يسافر ما يقضي ذلك اليوم أبدا و ليكثر من صيام التطوع و مع هذا فأمرهم إلى اللّٰه لأنهم أفطروا في يوم يجوز لهم الفطر فيه عند اللّٰه و أما الظاهر فما قلناه
(الاعتبار)
في هذا الفعل رائحة من الكشف الذي للنفوس و استطلاع على الغيب من حيث لا يشعر و سببه أنها من عالم الغيب و إن كانت النشأة الجسمية أمها فإن الروح الإلهي أبوها فلها الاطلاع من خلف حجاب رقيق بحيث إنه لو دخل صاحب هذا الفعل طريق أهل اللّٰه سارع إليه الكشف لاستعداده و تأهله لذلك و مثل هذا لا يسمى اتفاقيا إذا لأمر الاتفاقي عندنا لا يصح فإن الأمر كله لله و اللّٰه لا يحدث شيئا بالاتفاق و إنما يحدثه عن علم صحيح و إرادة و قضاء غيبي و قدر فلا بد من كون ما هو كائن في علمه
[تعلق الحكم الشرعي بصاحب الكشف و الاستطلاع الغيبى]
و إنما بقي هل يتعلق بمن ظهر عليه مثل هذا الفعل الإلهي إثم أم لا فعندنا الإثم متعلق به و لو حصل له العلم الصحيح بأنه في يوم يجوز له الإفطار فيه و لم يتلبس بالسبب فإنه ما شرع له الفطر إلا مع التلبس بالحال الذي تسمى به حائضا أو مريضا أو مسافرا في اللسان الظاهر هذا مذهب المحققين من أهل اللّٰه و هو مذهبنا في مثل هذه المسألة و الحكم في صاحبها لله إن شاء عفا و إن شاء آخذ فضلا و عدلا إلا إن كان حاله ممن قد أعلم ما يقع منه من الجرائم مشاهدة و كشفا و من اطلاعه على المقدر عليه اطلاعه أنه غير مؤاخذ بذلك عند اللّٰه فإن لم يطلع فلا يبادر و لا يكن له تعمل في ذلك ما لم يعلم علم اللّٰه فيه فإن علم أنه مؤاخذ و لا بد فيعلم إن اللّٰه قد راعى حكم الظاهر في العموم فيتهيأ لقضاء اللّٰه النافذ فيه و هذا عندنا ليس بواقع أصلا و إن كان جائزا عقلا
[حوار اللّٰه مع إبليس]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية