فجمع هذا الحديث بين الأمر بالقبول و النهي عن الرد فحصل فيه التكليف كله فإن التكليف ما هو سوى أمر و نهي
[الأكابر لا يسألون أحدا شيئا و لا يردون شيئا]
و مما يؤيد صحة هذا الحديث ما «خرجه مسلم في صحيحه عن ابن عمران رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم كان يعطي عمر بن الخطاب العطاء فيقول أعطه يا رسول اللّٰه أفقر إليه مني فقال له رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم خذه فتموله أو تصدق به و ما جاءك من هذا المال و أنت غير مشرف و لا سائل فخذه و ما لا فلا تتبعه نفسك» فالأكابر لا يسألون أحدا شيئا إلا إذا كان اللّٰه مشهودهم في الأشياء و لا يردون شيئا أعطوه فإن الأدب مع اللّٰه أن لا ترد على اللّٰه ما أعطاك
[فتنة العلم أعظم من فتنة المال]
و فتنة العلم أعظم من فتنة المال فإن شرف المال شرف عارض لا يتعدى أفواه الناس ليس للنفس منه صفة و شرف العلم حلية تتحلى بها النفس ففتنته أعظم و لا زوال له عن صاحبه في حال فقره و غناه و نوائبه و المال يزول عن صاحبه بلص يأخذه أو حرق أو غرق أو هدم أو زلزلة أو جائحة سماوية أو فتنة أو سلطان و العلم منك في حصن حصين لا يوصل إليه أبدا يلزم الإنسان حيا و ميتا دنيا و آخرة و هو لك على كل حال و إن كان عليك في وقت ما فهو لك في آخر الأمر و إن أصابتك الآفات من جهته فلا تكثرت فليس إلا لشرفه حيث لم تعمل به فما أصبت إلا من تركك العمل به لا منه فإذا نجوت أخذ بيدك إلى منزلته و منزلته معلومه و معلومه الحق فينزلك بالحق على قدر ذلك العلم فلا تكن من الجاهلين
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية