﴿وَ تَقْوٰاهٰا﴾ [الشمس:8] فتعالى اللّٰه الملك القدوس أن يجتمع مع المطرود من رحمة اللّٰه في ضمير مع احتمال الأمر في ذلك و «قد قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بئس الخطيب أنت لما سمعه قد جمع بين اللّٰه تعالى و رسوله صلى اللّٰه عليه و سلم في ضمير واحد فقال و من يعصهما» و ما قال ذلك رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إذ جمع بين اللّٰه و بين نفسه في ضمير واحد إلا بوحي من اللّٰه و هو قوله ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطٰاعَ اللّٰهَ﴾ [النساء:80] و قال ﴿وَ مٰا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوىٰ﴾ [ النجم:3] و نحن يلزمنا ملازمة الأدب فيما لم نؤمر به و لا نهينا عنه كما فعل رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في قوله بئس الخطيب أنت و كذلك لا يترجح أن تنسب الإلهام بالفجور إلى اللّٰه فلم يبق بعد هذا الاستقصاء أن يكون الضمير في ﴿فَأَلْهَمَهٰا﴾ [الشمس:8] بالفجور إلا الشيطان و بالواو بالتقوى إلا الملك فمقابلة مخلوق بمخلوق أولى من مقابلة مخلوق بخالق و في قول رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بئس الخطيب كفاية لمن أنار اللّٰه بصيرته
[النفس ليست بأمارة بالسوء من حيث ذاتها و لكن من حيث قابليتها]
فقد أعلمك برتبة نفسك و إنها ليست بأمارة بالسوء من حيث ذاتها و إنما ينسب إليها ذلك من حيث إنها قابلة لإلهام الشيطان بالفجور و لجهلها بالحكم المشروع في ذلك كنفس أمرت صاحبها بارتكاب أمر لم تعلم تحريمه في الشرع أو قامت عندها شبهة بإباحة ذلك فيراه من مذهبه التحريم فيقول ﴿إِنَّ النَّفْسَ لَأَمّٰارَةٌ بِالسُّوءِ﴾ [يوسف:53]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية