الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)ما اكتسبه من العلم بالله و تحلت به نفسه من نظره العقلي فيكون التجلي تابعا لهذا الاستعداد الخاص و فيه يقع التفاضل [دين الأنبياء واحد]و من ذلك دين الأنبياء واحد ما ثم أمر زائد و إن اختلقت الشرائع فثم أمر جامع الدين عند الأنبياء وحيد *** و مقامه بين الأنام شديد فإذا الرجال تفطنوا لرحيله *** عنهم و قام لهم بذاك شهيد جاءوا إليه مهطعين لعله *** يوما بقصدهم إليه يعود قال هو إقامة الدين و أن لا يتفرق فيه ما خلق اللّٰه حلالا أبغض إليه من الطلاق و هو بيد من أخذ بالساق فلما ذا يقصد إلى البغيض مع هذا التعريض نكاح عقد و عرس شهدوا بتنا ببكر صهيا في لجة عمياء نفوس زوجت بأبدانها و لم يكن ناكحها غير أعيانها ثم إنه مع التكدر و الانتقاص ﴿لاٰتَ حِينَ مَنٰاصٍ﴾ [ص:3] ثم مع هذا يدعو و يجاب ﴿إِنَّ هٰذٰا لَشَيْءٌ عُجٰابٌ﴾ [ص:5] و أعجب من ذلك جبال سيرت ﴿فَكٰانَتْ سَرٰاباً﴾ [النبإ:20] و سماء فتحت ﴿فَكٰانَتْ أَبْوٰاباً﴾ [النبإ:19] ذات حبك و بروج و أرواح لها فيها نزول و عروج و ﴿مٰا لَهٰا مِنْ فُرُوجٍ﴾ [ق:6] فأين الولوج و أين الخروج و أين النزول و أين العروج هذا موضع الاعتبار ﴿فَاعْتَبِرُوا يٰا أُولِي الْأَبْصٰارِ﴾ [الحشر:2] و اللّٰه إن أمرا نحن فيه لمريج و أن زوجا زوجنا به لبهيج سقف مرفوع و مهاد موضوع و وتد مفروق و وتد مجموع ظلمة و نور و بيت معمور و بحر مسجور و مياه تغور و مراجل تفور فار التنور و اتضحت الأمور نجوم مشرقة و رجوم محرقة شهب ثواقب و شهب ذات ذوائب كلما نجمت ذهبت يا ليت شعري ما الذي أنارها و ما الذي أوجب شرارها و أخواتها ثوابت لا تزول في طلوع و أفول ليل عسعس فظهرت كواكبه و صباح تنفس فضحه راكبة جوار خنس في مجاريها و ظبا كنس لتحفظ ما فيها ليل و نهار أنجاد و أغوارا بدار و سرار يا أهل الأفكار أقسم نجيكم قسما لا لغو فيه و لا ثنيا إن الذي جاء بهذا كله لصادق يؤمن به لا بل يعلمه الظالم لنفسه و المقتصد و السابق شخص من الجنس أيد بروح القدس قيل له بلغ فبلغ و ذكر فأبلغ و قذف بالحق على الباطل فدمغ فزهق الباطل و تحلى العاطل نشأة الآخرة رده في الحافرة كيف يكون التجسد مع التقيد إن كان في نفس الأمر انقلاب العين فقد جهل الكون و إن كان في النظر فهو من مغالط البصر فإذا انبهم الأمر و أشكل فما لك إلا أن تتوكل فأسلم وجهك إلى اللّٰه و أنت محسن تكن ممن ﴿اِسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقىٰ﴾ [البقرة:256] فإنه خير لك و أبقى و كن مع الرعيل الذي خوطب بقوله ﴿وَ اللّٰهُ خَيْرٌ وَ أَبْقىٰ﴾ [ طه:73] تكن السعيد الذي لا يشقى فإن نزلت عن هذه الدرجة فأنزل إلى الآخرة خير و أبقى فإنهم و إن كانوا سعداء فإنه لا يستوي المؤمنون الميتون على فرشهم و الشهداء فلكل علم رجال و لكل مقام حال و لكل بيت أهل و مع كل صعب سهل و هذا القدر كاف في هذا الباب لمن علم فطاب و أوتي الحكمة و فصل الخطاب انتهى الباب بانتهاء المجلدة الخامسة و الثلاثين من هذا الكتاب و الحمد لله و صلى اللّٰه على محمد رسوله بخط يد منشئ هذا الكتاب بسم اللّٰه الرحمن الرحيم (الباب الموفي ستين و خمسمائة في وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك |
|
||||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |