الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)و الأحكام إلا بأمر مشروع من عند اللّٰه فإن اتفق أن يكون أحد من أهل البيت بهذه المثابة من العلم و الاجتهاد و لهم هذه المرتبة كالحسن و الحسين و جعفر و غيرهم من أهل البيت فقد جمعوا بين الأهل و الآل فلا تتخيل أن آل محمد صلى اللّٰه عليه و سلم هم أهل بيته خاصة ليس هذا عند العرب و قد قال تعالى ﴿أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ﴾ [غافر:46] يريد خاصته فإن الآل لا يضاف بهذه الصفة إلا للكبير القدر في الدنيا و الآخرة فلهذا قيل لنا قولوا اللهم صل على محمد و على آل محمد كما صليت على إبراهيم أي من حيث ما ذكرناه لا من حيث أعيانهما خاصة دون المجموع فهي صلاة من حيث المجموع و ذكرناه لأنه تقدم بالزمان على رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فرسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم قد ثبت أنه سيد الناس يوم القيامة و من كان بهذه المثابة عند اللّٰه كيف تحمل الصلاة عليه كالصلاة على إبراهيم من حيث أعيانهما فلم يبق إلا ما ذكرناه و هذه المسألة هي عن واقعة إلهية من وقائعنا فلله الحمد و المنة «روى عن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم أنه قال علماء هذه الأمة كأنبياء سائر الأمم و في رواية أنبياء بنى إسرائيل» و إن كان إسناد هذا الحديث ليس بالقائم و لكن أوردناه تأنيسا للسامعين أن علماء هذه الأمة قد التحقت بالأنبياء في الرتبة [الذين ليسوا بأنبياء و تغبطهم الأنبياء]و أما «قول النبي صلى اللّٰه عليه و سلم في قوم يوم القيامة تنصب لهم منابر يوم القيامة ليسوا بأنبياء و لا شهداء تغبطهم الأنبياء و الشهداء» و يعني بالشهداء هنا الرسل فإنهم شهداء على أممهم فلا نريد بهؤلاء الجماعة من ذكرناهم و غبطهم إياهم فيما هم فيه من الراحة و عدم الحزن و الخوف في ذلك الموطن و الأنبياء و الرسل و علماء هذه الأمة الصالحون الوارثون درجات الأنبياء خائفون و جلون على أممهم و أولئك لم يكن لهم أمم و لا أتباع و هم آمنون على أنفسهم مثل الأنبياء على أنفسهم آمنون و ما لهم أمم و لا أتباع و يخافون عليهم فارتفع الخوف عنهم في ذلك اليوم في حق نفوسهم و في حق غيرهم كما قال تعالى ﴿لاٰ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ﴾ [الأنبياء:103] يعني على نفوسهم و غيرهم من الأنبياء و العلماء و لكن الأنبياء و العلماء يخافون على أممهم و أتباعهم ففي مثل هذا تغبطهم في ذلك الموقف فإذا دخلوا الجنة و أخذوا منازلهم تبينت المراتب و تعينت المنازل و ظهر عليون لأولي الألباب فهذه مسألة عظيمة الخطر جليلة القدر لم نر أحدا ممن تقدمنا تعرض لها و لا قال فيها مثل ما وقع لنا في هذه الواقعة إلا أن كان و ما وصل إلينا فإن لله في عباده أخفياء لا يعرفهم سواه ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] فقد تبين لك أن صلاة الحق على عباده باختلاف أحوالهم فالله يجعلنا من أجلهم عنده قدرا و لا يحول بيننا و بين عبوديتنا و تلخيص ما ذكرناه هو أن يقول المصلي اللهم صل على محمد بأن تجعل آله من أمته كما صليت على إبراهيم بأن جعلت آله أنبياء و رسلا في المرتبة عندك و على آل محمد كما صليت على آل إبراهيم بما أعطيتهم من التشريع و الوحي فأعطاهم الحديث فمنهم محدثون و شرع لهم الاجتهاد و قرره حكما شرعيا فأشبهت الأنبياء في ذلك فحقق ما أومأنا إليه في هذه المسألة تر الحق حقا انتهى الجزء الخمسون (الباب السبعون(باب الزكاة) |
|
||||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |