Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الحشر: [الآية 2]

سورة الحشر
هُوَ ٱلَّذِىٓ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ مِن دِيَٰرِهِمْ لِأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا۟ ۖ وَظَنُّوٓا۟ أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا۟ ۖ وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِى ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱعْتَبِرُوا۟ يَٰٓأُو۟لِى ٱلْأَبْصَٰرِ ﴿2﴾

تفسير الجلالين:

«هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب» هم بنو النضير من اليهود «من ديارهم» مساكنهم بالمدينة «لأول الحشر» هو حشرهم إلى الشام وآخره أن أجلاهم عمر في خلافته إلى خيبر «ما ظننتم» أيها المؤمنون «أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم» خبر أن «حصونهم» فاعله تم به الخبر «من الله» من عذابه «فأتاهم الله» أمره وعذابه «من حيث لم يحتسبوا» لم يخطر ببالهم من جهة المؤمنين «وقذف» ألقى «في قلوبهم الرعب» بسكون العين وضمها، الخوف بقتل سيدهم كعب بن الأشرف «يخرِّبون» بالتشديد والتخفيف من أخرب «بيوتهم» لينقلوا ما أستحسنوه منها من خشب وغيره «بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار».

تفسير الشيخ محي الدين:

هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)

لما كان وجود العالم مرتبطا بوجود الحق فعلا وصلاحية ، لهذا كان اسم الملك للّه تعالى أزلا - وإن كان عين العالم معدوما في العين - لكن معقوليته موجودة باسم المالك ، فهو مملوك للّه تعالى وجودا وتقديرا قوة وفعلا ، وقال تعالى : «هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ»

[ التوحيد الرابع والثلاثون في القرآن ، وهو توحيد النعوت : ]

بنسبة ملك السماوات والأرض إليه فإنه رب كل شيء ومليكه ، والاسم الملك هو المهيمن على الأجناد الأسمائية ، فإن أسماءه سبحانه وتعالى عساكره ، وهي التي يسلطها على من يشاء ويرحم بها من يشاء «الْقُدُّوسُ» بقوله : (وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)

وتنزيهه عن كل ما وصف به ، فتقدست الألوهة أي تنزهت أن تدرك وفي منزلتها أن تشرك ، والقدوس من القدس وهي الطهارة الذاتية ، كتقديس الحضرة الإلهية التي أعطيها الاسم القدوس ، فهو اسم إلهي منه سرت الطهارة في الطهارات كلها ،

وهو قدوس مطهر من الأسماء النواقص ، وهي التي لا تتم إلا بصلة وعائد ، فإن من أسمائه سبحانه الذي وما ، فهو القدوس أي المطهر عن نسبة الأسماء النواقص إليه ، وهو قدوس عن تغيره في نفسه بتغير الأحكام- إشارة

- اعلم أن الاسم القدوس يصحب الموجودات وبه ثبت قوله تعالى : (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) فلا ينبغي أن يحال بين العبد وسيده ، ولا يدخل بين العبد وسيده إلا بخير ، ولا شك أن النجاسة أمر عرضي عيّنه حكم شرعي ، والطهارة أمر ذاتي ، فلا أصل للنجاسة في الأعيان،


إذ الأعيان طاهرة بالأصل ، فما في الوجود بحكم الحقيقة إلا طاهر . «السَّلامُ» بسلامته من كل ما نسب إليه مما كره من عباده أن ينسبوه إليه . «الْمُؤْمِنُ» هنا له وجهان : بمعنى المصدق ، وبمعنى معطي الأمان بما أعطاهم من الأمان إذا وفوا بعهده ، فهو المؤمن بما صدق عباده ، ورد في الخبر أن العبد يقول في حال من الأحوال : اللّه أكبر ، فيقول اللّه : أنا أكبر ، يقول العبد : لا إله إلا أنت ، يقول اللّه : لا إله إلا أنا ، يقول العبد :لا إله إلا اللّه له الملك وله الحمد ، يقول اللّه : لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد ، يصدق عبده ، ومن هنا كان اسمه المؤمن ، فهو مصدق الصادقين من عباده عند من لم يثبت صدقهم عنده ،

فإذا صدق المؤمن في جميع أقواله وأفعاله وأحواله وإعطاء الأمان منه لكل خائف من جهته ، فإذا صدق في ذلك كله ، صدّقه اللّه تعالى ، لأنه لا يصدق سبحانه إلا الصادق ،

ولا يصدقه تعالى إلا من اسمه المؤمن لا غير ؛ - ومن وجه آخر - لما كان الإيمان نصف صبر ونصف شكر ، واللّه هو الصبور الشكور ، فمن اسمه المؤمن شكر عباده على ما أنعموا به على الأسماء الإلهية ، بقبولهم لآثارها ، وصبر على أذى من جهله من عباده فنسب إليه ما لا يليق به ونسبوا إليه عدوا بغير علم - كما أخبرنا عنهم - فصبر على ذلك ، ولا شخص أصبر على أذى من اللّه لاقتداره على الأخذ ، فهو المؤمن الكامل في إيمانه بكمال صبره وشكره ، ومن كون الحياء من الإيمان فإنه يستحي أن يكذب ذا شيبة يوم القيامة ، فيصدقه مع كذبه ويأمر به إلى الجنة . «الْمُهَيْمِنُ» هو الشاهد على الشيء بما هو له وعليه ، فهو الشاهد على عباده بما هم فيه من جميع أحوالهم مما لهم وعليهم." الْعَزِيزُ " لغلبه من غالبه إذ هو الذي لا يغالب ، وامتناعه في علو قدسه أن يقاوم «الْجَبَّارُ» في اللسان : الملك العظيم ، وهو الجبار بما جبر عليه عباده في اضطرارهم واختيارهم ، فهم في قبضته تعالى ، فهو تعالى الجبار بما للذات من جبر في العالم بالأسماء الإلهية ، وله الجبر بالإحسان على الظاهر والباطن ، فله الجبر بطريق القهر والمغالبة على الظاهر ، وله الجبر الذاتي بالتجلي في العظمة الحاكمة على كل نفس فتذهل عن ذاتها وعزتها ، فلله قهر خفي في العالم لا يشعر به ، وهو ما جبرهم عليه في اختيارهم ، وقهر جلي وهو ما ليس فيه اختيار يحكم عليهم ، فللحق الرفعة أصلا وذلك بقوله «الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ» ولكنه لما نزل لعباده حتى ظن بعض الناس أن ذلك له حقيقة قال «الْمُتَكَبِّرُ» فهي رفعة للحق بعد نزوله إلى عباده ، لما حصل في النفوس الضعيفة من نزوله إليهم في خفي ألطافه لمن تقرب بالحد والمقدار ، من شبر وذراع وباع وهرولة وتبشيش وفرح وتعجب


وضحك وأمثال ذلك ، فكان التكبر من صفات الحق لما كان من نزوله في الصفات إلى ما يعتقده أصحاب النظر وأكثر الخلق أنه صفة المخلوق ، فلما علم ذلك منهم وهو سبحانه قد وصف لهم نفسه بتلك الصفات حتى طمعوا فيه ، وضل بها قوم عن طريق الهدى ، كما اهتدى بها قوم في طريق الحيرة ، قام لهم تعالى في صفة التكبر عن ذلك النزول ، ليعلمهم أنه وإن اشترك معهم في الاسمية فإن نسبتها إليه تعالى ليست كنسبتها إلى المخلوق ، فيكون مثل هذا تكبرا فإن نسبة التكبر محيرة ، فتحير من تحير في نسبة التكبر إلى الحق وتحقيقها أن لو علم نزول الحق لعباده - إذ ليس في قوة الممكن نيل ما يستحقه الحق من الغنى عن العالم ، وفي قوة الحق مع غناه من باب الفضل والكرم النزول لعباده - لعلمنا تلك النسبة ، فإن جهل أحد من العباد قدر هذا النزول الإلهي ، وتعاظم العبد في نفسه لنزول الحق له ، ولم يعلم أن نزول الحق لعباده ما هو لعين عباده ، وإنما ذلك لظهور أحكام أسمائه الحسنى في أعيان الممكنات ، فما علم أنه لنفسه نزل لا لخلقه ، كما قال تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فما خلقهما إلا من أجله ، والخلق نزول من مقام ما يستحقه من الغنى عن العالمين ، فالمتخيل من العباد خلاف هذا وأنه تعالى ما نزل إلا لما هو المخلوق عليه من علو القدر والمنزلة ، فهذا أجهل الجاهلين ، فأعطى الحق هذا النزول أو ما توهمه الجاهل أن يتسمى الحق بالمتكبر عن هذا النزول ، ولكن بعد هذا النزول لا قبله وجودا وتقديرا لا بد من ذلك .

واعلم أن التكبر لا يكتسبه الكبير وإنما يكتسبه الأدنى في الرتبة ، فيكسب العبد الكبرياء بما هو الحق صفته ، فالكبرياء للّه لا للعبد ، فهو محمود مشكور في كبريائه وتكبره ، ويكسب الحق هذا الاسم ، فإنه تعالى ذكر عن نفسه أنه متكبر ، وذلك لنزوله تعالى إلى عباده في خلقه آدم بيديه ، وغرسه شجرة طوبى بيده ، وكونه يمينه الحجر الأسود ، وفي يد المبايع بالإمامة من الرسل في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ) ونزوله في قوله [ جعت فلم تطعمني ، وظمئت فلم تسقني ، ومرضت فلم تعدني ]وما وصف الحق به نفسه مما هو عندنا من صفات المحدثات ، فلما تحقق بهذا النزول عندنا حتى ظن أكثر المؤمنين أن هذه له صفة استحقاق ، وتأولها آخرون من المؤمنين ، فمن اعتقد أن اتصاف الحق بهذا أن المفهوم منه ما هو المفهوم من اتصاف الخلق به ، أعلم الحق هذه الطائفة خاصة أنه يتكبر عن هذا ، أي عن المفهوم الذي فهمه القاصرون من كون نسبته إليه تعالى على حد نسبته إلى المخلوق ، وبه يقول أهل الظاهر أهل الجمود منهم القاصرة أفهامهم عن استحقاق كل مستحق حقه ،


فقال عن نفسه تعالى إنه «الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ» عن هذا المفهوم وإن اتصف بما اتصف به ، فله تعالى الكبرياء من ذاته ، وله التكبر عن هذا المفهوم لا عن الاتصاف ، لأنه لو تكبر عما وصف به نفسه مما ذكرنا لكان كذبا ، والكذب في خبره محال ، فالاتصاف بما وصف به نفسه حق يعلمه أولو الألباب .

ومن كون الحق متكبرا أن يجد العبد في قلبه كبرياء الحق فلا يعصه ، فالذي اجرأ العصاة ومن اجترأ على اللّه من عباده على المخالفة ، ما وصف الحق به نفسه من العفو والمغفرة ، ونهاهم عن القنوط من رحمة اللّه ، فما عندهم رائحة من نعت التكبر الإلهي الذي هو به متكبر في قلوب عباده ، إذ لو كبر عندهم ما اجترءوا على شيء من ذلك ،

ولا حكمت عليهم هذه الأسماء التي أطمعتهم ، فإن كبرياء الحق إذا استقر في قلب عبد وهو التكبر ، من المحال أن تقع منه مخالفة لأمر الحق بوجه من الوجوه ، فالحق المتكبر إنما هو في نفس هذا الموافق الطائع عبد اللّه على الحقيقة ،

والتوحيد في هذه الآية هو التوحيد الرابع والثلاثون في القرآن ، وهو توحيد النعوت ، وهو من توحيد الهوية المحيطة ، فله النعوت كلها ، نعوت الجلال ، فإن صفات التنزيه لا تعطي الثبوت ، والأمر وجودي ثابت ، فلهذا قدم الهوية وأخرها حتى إذا جاءت نعوت السلب ، وحصلت الحيرة في قلب السامع ، منعت الهوية بإحاطتها أن يخرج السامع إلى العدم ، فيقول : فما تمّ شيء وجودي ، إذ قد خرج عن وجود العقل والحس فيلحقه بالعدم فتمنعه الهوية ، فإن الضمير لا بد أن يعود على أمر مقرر:

[سورة الحشر (59) : آية 24]

هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)

هُوَ اللَّهُ الْخالِقُبالتقدير والإيجاد ، والخالق هنا صفة للّه موصوف للبارئ ، وعلى ذلك تؤخذ الأسماء الإلهية إذا وقعت بين اسمين إلهيين ، فالخالق صفة للّه موصوف للبارئ «الْبارِئُ» بما أوجده من مولدات الأركان «الْمُصَوِّرُ» بما فتح في الهباء من الصور ، وفي أعين المتجلى لهم من صور التجلي المنسوبة إليه ، ما نكر منها وما عرف ، وما أحيط بها وما لم يدخل تحت إحاطة . «لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى» وهي تسعة وتسعون اسما ، مائة إلا واحد ، وكل اسم واحد مدلوله ليس مدلول عين الاسم الآخر ، وإن كان المسمى بالكل واحدا ،


فهذه أحدية المجموع وآحاده ، فما ثمّ جمع يقتضي هذا الحكم وهو أن يكون إلها إلا هذا المسمى بهذه الأسماء الحسنى المختلفة المعاني ، التي افتقر إليها الممكن في وجود عينه . «يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» ولم يقل . «وَما فِي الْأَرْضِ» لأن كثيرا من الناس في الأرض لا يسبحون اللّه ، وممن يسبح اللّه منهم ما يسبحه في كل حال ، والأرض تسبحه في كل حال ، والسماوات وما فيها من الملائكة والأرواح المفارقة تسبحه كما قال (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) فراعى هنا من يدوم تسبيحه وهو الأرض ، كما راعى في موطن آخر من القرآن تسبيح من في الأرض وإن كان البعض من العالم ،

فقال عزّ من قائل (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ)

بجمع من يعقل ، ثم أكد ذلك بقوله (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ)

وزاد في التأكيد بقوله (وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) فأتى بلفظة من ولم يأت بما ، وأتى هنا بما ولم يأت بمن ، فإن سيبويه يقول : إن اسم ما يقع على كل شيء ؛ إلا أنه لم يعم الموجودات . واعلم أن حضرة التصوير هي آخر حضرة الخلق وليس وراءها حضرة للخلق جملة واحدة ، فهي المنتهى والعلم أولها ، والهوية هي المنعوتة بهذا كله ، أعني الهوية فابتدأ بقوله «هُوَ» لأن الهوية لا بد منها ، ثم ختم بها في السلب والثبوت

وهو قوله (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وابتدأ من الصفات بالعلم بالغيب والشهادة وختم بالمصور ، ولم يعين بعد ذلك اسما بعينه ، بل قال «لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى» ثم ذكر أن له يسبح ما في السماوات والأرض ، فإن إنشاء الصور لا يتناهى دنيا ولا آخرة ، فالإنشاء متصل دائم وإن تناهت الدنيا ، فسبحان من يجهل فلا يعلم ويعلم فلا يجهل «لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» ومن خصائص هذه السورة سورة الحشر :

جعل الرحمن آخرها *** عصمة لنا من الفتن

عصم الرحمن قارئها *** أبدا في السر والعلن

تحقيق -[ تحقيق : ما خلق اللّه تعالى الثقلين إلا بأسماء اللطف والحنان ]

اعلم أن الثقلين ما خلقهم اللّه تعالى إلا بأسماء اللطف والحنان ، والرأفة والرحمة ، والتنزل الإلهي ، فخلقهم بالاسم الرحمن ، فلما نظروا إلى الأسماء التي وجدوا عنها ما رأوا اسما إليها منها يقتضي أخذهم وعقوبتهم إن عصوا أمره ونهيه ، وتكبروا على أمره ، فلم يطيعوه وعصوه ، لأنه تعالى بالرحمة أوجدنا ، لم يوجدنا بصفة القهر ، وكذلك تأخرت المعصية فتأخر الغضب عن الرحمة في الثقلين ، فاللّه يجعل حكمهما في الآخرة كذلك ، ولو كانت بعد حين ، ألا ترى اللّه تعالى إذا ذكر أسماءه لنا يبتدي بأسماء الرحمة ويؤخر أسماء الكبرياء ،


لأنا لا نعرفها ، فإذا قدّم لنا أسماء الرحمة عرفناها وحننا إليها ، عند ذلك يتبعها أسماء الكبرياء لنأخذها بحكم التبعية ، فقال تعالى : «هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ» فهذا نعت يعم الجميع أي جميع المخلوقات ، وليس واحدته بأولى من الآخر ، ثم ابتدأ فقال «هُوَ الرَّحْمنُ» فعرفنا «الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ» لأنا عنه وجدنا ، ثم قال بعد ذلك «هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ» ابتدأ ليجعله فصلا بين «الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ» وبين «الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ» فقال «الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ» وهذا كله من نعوت الرحمن ، ثم جاء وقال «الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ» فقبلنا هذه النعوت بعد أن آنسنا بأسماء اللطف والحنان وأسماء الاشتراك التي لها وجه إلى الرحمة ، ووجه إلى الكبرياء وهو «اللَّهُ» و «الْمَلِكُ» فلما جاء بأسماء العظمة والمحل قد تأنس بترادف الأسماء الكثيرة الموجبة الرحمة ، قبلنا أسماء العظمة لما رأينا أسماء الرحمة قد قبلتها حيث كانت نعوتا لها ، فقبلناها ضمنا تبعا لأسمائنا ، ثم إنه لما علم الخالق أن صاحب القلب والعلم باللّه وبمواقع خطابه إذا سمع مثل أسماء العظمة لا بد أن تؤثر فيه أثر خوف وقبض ، نعتها بعد ذلك وأردفها بأسماء لا تختص بالرحمة على الإطلاق ، ولا تعرى عن العظمة على الإطلاق فقال : «هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى» وهذا كله تعليم من اللّه عباده وتنزل إليهم ، ولهذا قدّم سبحانه في كتابه بسم اللّه الرحمن الرحيم في كل سورة إذ كانت تحوي على أمور مخوفة تطلب أسماء العظمة والاقتدار ، فقدم أسماء الرحمة تأنيسا وبشرى ، وما طلب اللّه تعالى من عباده في حقه إلا أن يعلموا أنه إله واحد لا شريك له وبشرى ، وما طلب اللّه تعالى من عباده في حقه إلا أن يعلموا أنه إله واحد لا شريك له في ألوهته لا غير ، وأن له الأسماء الحسنى بما هي عليه من المعاني في اللسان ، وقرن النجاة والسعادة بمن وقف عندما جاء من عنده عزّ وجل في كتبه وعلى ألسنة رسله «لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» .

(60) سورة الممتحنة مدنيّة

------------

(23) الفتوحات ج 1 / 183 - ج 4 / 322 - ج 2 / 42 - ج 1 / 51 - ج 2 / 109 - ج 4 / 201 ، 202 - ج 1 / 707 ، 382 ، 707 - ج 4 / 322 - ج 3 / 218 - ج 4 / 322 - ج 2 / 92 - ج 1 / 455 - ج 2 / 92 - ج 1 / 597 - ج 4 / 262 ، 205 ، 322 - ج 1 / 98 - ج 4 / 209 ، 208 - ج 3 / 229 - ج 4 / 209 ، 226 ، 322 ، 91 ، 42 ، 209 - ج 2 / 420

تفسير ابن كثير:

وقوله : ( هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب ) يعني : يهود بني النضير . قاله ابن عباس ، ومجاهد ، والزهري ، وغير واحد : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة هادنهم وأعطاهم عهدا وذمة ، على ألا يقاتلهم ولا يقاتلوه ، فنقضوا العهد الذي كان بينهم وبينه ، فأحل الله بهم بأسه الذي لا مرد له ، وأنزل عليهم قضاءه الذي لا يصد ، فأجلاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخرجهم من حصونهم الحصينة التي ما طمع فيها المسلمون ، وظنوا هم أنها مانعتهم من بأس الله ، فما أغنى عنهم من الله شيئا ، وجاءهم ما لم يكن ببالهم ، وسيرهم رسول الله وأجلاهم من المدينة فكان منهم طائفة ذهبوا إلى أذرعات من أعالي الشام وهي أرض المحشر والمنشر ، ومنهم طائفة ذهبوا إلى خيبر . وكان قد أنزلهم منها على أن لهم ما حملت إبلهم ، فكانوا يخربون ما في بيوتهم من المنقولات التي يمكن أن تحمل معهم ; ولهذا قال : ( يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار ) أي : تفكروا في عاقبة من خالف أمر الله وخالف رسوله ، وكذب كتابه ، كيف يحل به من بأسه المخزي له في الدنيا ، مع ما يدخره له في الآخرة من العذاب الأليم .

قال أبو داود : حدثنا محمد بن داود ، وسفيان ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن كفار قريش كتبوا إلى ابن أبي ، ومن كان معه يعبد معه الأوثان من الأوس ، والخزرج ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ بالمدينة قبل وقعة بدر : إنكم آويتم صاحبنا ، وإنا نقسم بالله لنقاتلنه ، أو لتخرجنه ، أو لنسيرن إليكم بأجمعنا ، حتى نقتل مقاتلتكم ، ونستبيح نساءكم ، فلما بلغ ذلك عبد الله بن أبي ومن كان معه من عبدة الأوثان ، اجتمعوا لقتال النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما بلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - لقيهم ، فقال : " لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ ، ما كانت تكيدكم بأكثر مما تريد أن تكيدوا به أنفسكم ، تريدون أن تقاتلوا أبناءكم وإخوانكم ؟ " ، فلما سمعوا ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم - تفرقوا ، فبلغ ذلك كفار قريش ، فكتبت كفار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود : إنكم أهل الحلقة والحصون ، وإنكم لتقاتلن مع صاحبنا أو لنفعلن كذا وكذا ، ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم شيء - وهي الخلاخيل - فلما بلغ كتابهم النبي - صلى الله عليه وسلم - اجتمعت بنو النضير بالغدر ، فأرسلوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - : اخرج إلينا في ثلاثين رجلا من أصحابك ليخرج منا ثلاثون حبرا ، حتى نلتقي بمكان المنصف فيسمعوا منك ، فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا بك ، فلما كان الغد غدا عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالكتائب فحصرهم ، قال لهم : " إنكم والله لا تأمنوا عندي إلا بعهد تعاهدوني عليه " . فأبوا أن يعطوه عهدا ، فقاتلهم يومهم ذلك ، ثم غدا الغد على بني قريظة بالكتائب ، وترك بني النضير ، ودعاهم إلى أن يعاهدوه ، فعاهدوه ، فانصرف عنهم . وغدا إلى بني النضير بالكتائب فقاتلهم ، حتى نزلوا على الجلاء . فجلت بنو النضير ، واحتملوا ما أقلت الإبل من أمتعتهم وأبواب بيوتهم وخشبها ، وكان نخل بني النضير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة ، أعطاه الله أياها وخصه بها ، فقال : ( وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ) يقول : بغير قتال ، فأعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثرها للمهاجرين ، قسمها بينهم ، وقسم منها لرجلين من الأنصار وكانا ذوي حاجة ، ولم يقسم من الأنصار غيرهما ، وبقي منها صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي في أيدي بني فاطمة .

ولنذكر ملخص غزوة بني النضير على وجه الاختصار ، وبالله المستعان .

وكان سبب ذلك فيما ذكره أصحاب المغازي والسير : أنه لما قتل أصحاب بئر معونة ، من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانوا سبعين ، وأفلت منهم عمرو بن أمية الضمري ، فلما كان في أثناء الطريق راجعا إلى المدينة قتل رجلين من بني عامر ، وكان معهما عهد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمان لم يعلم به عمرو فلما رجع أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لقد قتلت رجلين ، لأدينهما " وكان بين بني النضير وبني عامر حلف وعهد ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بني النضير يستعينهم في دية ذينك الرجلين ، وكان منازل بني النضير ظاهر المدينة على أميال منها شرقيها .

قال محمد بن إسحاق بن يسار في كتابه السيرة : ثم خرج رسول الله إلى بني النضير ، يستعينهم في دية ذينك القتيلين من بني عامر اللذين قتل عمرو بن أمية الضمري ; للجوار الذي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عقد لهما ، فيما حدثني يزيد بن رومان ، وكان بين بني النضير ، وبني عامر عقد وحلف . فلما أتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستعينهم في دية ذينك القتيلين قالوا : نعم ، يا أبا القاسم ، نعينك على ما أحببت ، مما استعنت بنا عليه . ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا : إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه - ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جنب جدار من بيوتهم - فمن رجل يعلو على هذا البيت ، فيلقي عليه صخرة ، فيريحنا منه ؟ فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب أحدهم ، فقال : أنا لذلك ، فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفر من أصحابه ، فيهم أبو بكر ، وعمر ، وعلي رضي الله عنهم . فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر من السماء بما أراد القوم ، فقام وخرج راجعا إلى المدينة فلما استلبث النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه قاموا في طلبه فلقوا رجلا مقبلا من المدينة فسألوه عنه ، فقال : رأيته داخلا المدينة . فأقبل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى انتهوا إليه ، فأخبرهم الخبر بما كانت يهود أرادت من الغدر به ، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتهيؤ لحربهم والمسير إليهم . ثم سار حتى نزل بهم فتحصنوا منه في الحصون ، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقطع النخل والتحريق فيها . فنادوه : أن يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه ، فما بال قطع النخل وتحريقها ؟

وقد كان رهط من بني عوف بن الخزرج ، منهم عبد الله بن أبي بن سلول ، ووديعة ، ومالك بن أبي قوقل ، وسويد ، وداعس ، قد بعثوا إلى بني النضير : أن اثبتوا وتمنعوا فإنا لن نسلمكم ، إن قوتلتم قاتلنا معكم ، وإن أخرجتم خرجنا معكم ، فتربصوا ذلك من نصرهم ، فلم يفعلوا ، وقذف الله في قلوبهم الرعب ، فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجليهم ويكف عن دمائهم ، على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة ، ففعل ، فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل ، فكان الرجل منهم يهدم بيته عن نجاف بابه ، فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به . فخرجوا إلى خيبر ومنهم من سار إلى الشام وخلوا الأموال إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكانت لرسول الله خاصة يضعها حيث شاء ، فقسمها على المهاجرين الأولين دون الأنصار . إلا أن سهل بن حنيف ، وأبا دجانة سماك بن خرشة ذكرا فقرا ، فأعطاهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

قال : ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان : يامين بن عمير بن كعب بن عمرو بن جحاش وأبو سعد بن وهب أسلما على أموالهما فأحرزاها .

قال : ابن إسحاق : قد حدثني بعض آل يامين : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ليامين : " ألم تر ما لقيت من ابن عمك ، وما هم به من شأني " . فجعل يامين بن عمير لرجل جعلا على أن يقتل عمرو بن جحاش فقتله فيما يزعمون .

قال ابن إسحاق : ونزل في بني النضير سورة الحشر بأسرها .

وهكذا روى يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، بنحو ما تقدم .

فقوله : ( هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب ) يعني : بني النضير ( من ديارهم لأول الحشر ) .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان ، عن أبي سعد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : من شك في أن أرض المحشر ها هنا - يعني الشام فليتل هذه الآية : ( هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ) قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اخرجوا " . قالوا : إلى أين ؟ قال : " إلى أرض المحشر " .

وحدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو أسامة ، عن عوف ، عن الحسن قال : لما أجلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني النضير قال : " هذا أول الحشر ، وأنا على الأثر " .

ورواه ابن جرير ، عن بندار عن ابن أبي عدي ، عن عوف عن الحسن به . وقوله : ( ما ظننتم أن يخرجوا ) أي : في مدة حصاركم لهم وقصرها ، وكانت ستة أيام ، مع شدة حصونهم ومنعتها ; ولهذا قال : ( وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا ) أي : جاءهم من أمر الله ما لم يكن لهم في بال ، كما قال في الآية الأخرى : ( قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ) [ النحل : 26 ] .

وقوله : ( وقذف في قلوبهم الرعب ) أي : الخوف والهلع والجزع ، وكيف لا يحصل لهم ذلك وقد حاصرهم الذي نصر بالرعب مسيرة شهر ، صلوات الله وسلامه عليه .

وقوله : ( يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين ) قد تقدم تفسير ابن إسحاق لذلك ، وهو نقض ما استحسنوه من سقوفهم وأبوابهم ، وتحملها على الإبل ، وكذا قال عروة بن الزبير ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وغير واحد .

وقال مقاتل بن حيان : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقاتلهم ، فإذا ظهر على درب أو دار ، هدم حيطانها ليتسع المكان للقتال . وكان اليهود إذا علوا مكانا أو غلبوا على درب أو دار ، نقبوا من أدبارها ثم حصنوها ودربوها ، يقول الله تعالى : ( فاعتبروا يا أولي الأبصار ) .


تفسير الطبري :

قوله تعالى {هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر} فيه ثلاث مسائل: الأولى: قوله تعالى {هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم} قال سعيد بن جبير : قلت لابن عباس : سورة الحشر؟ قال : قل سورة النضير؛ وهم رهط من اليهود من ذرية هارون عليه السلام، نزلوا المدينة في فتن بني إسرائيل انتظارا لمحمد صلى الله عليه وسلم، وكان من أمرهم ما نص الله عليه. الثانية: قوله تعالى: {لأول الحشر} الحشر الجمع؛ وهو على أربعة أوجه : حشران في الدنيا وحشران في الآخرة؛ أما الذي في الدنيا فقوله تعالى {هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر} قال الزهري : كانوا من سبط لم يصبهم جلاء، وكان الله عز وجل قد كتب عليهم الجلاء؛ فلولا ذلك لعذبهم في الدنيا وكان أول حشر حشروا في الدنيا إلى الشام. قال ابن عباس وعكرمة : من شك أن الحشر في الشام فليقرأ هذه الآية، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم : (اخرجوا) قالوا إلى أين؟ قال : (إلى أرض المحشر). قال قتادة : هذا أول المحشر. قال ابن عباس : هم أول من حشر من أهل الكتاب وأخرج من دياره. وقيل : إنهم أخرجوا إلى خيبر، وأن معنى {لأول الحشر} إخراجهم من حصونهم إلى خيبر، وآخره إخراج عمر رضي الله عنه إياهم من خيبر إلى نجد وأذرعات. وقيل تيماء وأريحاء، وذلك بكفرهم ونقض عهدهم. وأما الحشر الثاني : فحشرهم قرب القيامة. قال قتادة : تأتي نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا، وتأكل منهم من تخلف. وهذا ثابت في الصحيح، وقد ذكرناه في كتاب التذكرة. ونحوه روى ابن وهب عن مالك قال : قلت لمالك هو جلاؤهم من ديارهم؟ فقال لي : الحشر يوم القيامة حشر اليهود. قال : وأجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود إلى خيبر حين سئلوا عن المال فكتموه؛ فاستحلهم بذلك. قال ابن العربي : للحشر أول ووسط وآخر؛ فالأول إجلاء بني النضير، والأوسط إجلاء خيبر، والآخر حشر يوم القيامة. وعن الحسن : هم بنو قريظة. وخالفه بقية المفسرين وقالوا : بنو قريظة ما حشروا ولكنهم قتلوا. حكاه الثعلبي. الثالثة: قال الكيا الطبري : ومصالحة أهل الحرب على الجلاء من ديارهم من غير شيء لا يجور الآن، وإنما كان ذلك في أول الإسلام ثم نسخ. والآن فلا بد من قتالهم أو سبيهم أو ضرب الجزية عليهم. قوله تعالى {ما ظننتم أن يخرجوا} يريد لعظم أمر اليهود ومنعتهم وقوتهم في صدور المسلمين، واجتماع كلمتهم. {وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم} قيل : هي الوطيح والنطاة والسلالم والكتيبة. {من الله} أي من أمره. وكانوا أهل حلقة - أي سلاح كثير - وحصون منيعة؛ فلم يمنعهم شيء منها. {فأتاهم الله} أي أمره وعذابه. {من حيث لم يحتسبوا أي لم يظنوا. وقيل : من حيث لم يعلموا. وقيل {من حيث لم يحتسبوا} بقتل كعب بن الأشرف؛ قال ابن جريج والسدي وأبو صالح. {وقذف في قلوبهم الرعب} بقتل سيدهم كعب بن الأشرف؛ وكان الذي قتله هو محمد بن مسلمة وأبو نائلة سلكان بن سلامة بن وقش - وكان أخا كعب بن الأشرف من الرضاعة - وعباد بن بشر بن وقش، والحارث بن أوس بن معاذ، وأبو عبس بن جبر. وخبره مشهور في السيرة. وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (نصرت بالرعب بين يدي مسيرة شهر) فكيف لا ينصر به مسيرة ميل من المدينة إلى محلة بني النضير. وهذه خصيصى لمحمد صلى الله عليه وسلم دون غيره. قوله تعالى {يخربون بيوتهم} قراءة العامة بالتخفيف من أخرب؛ أي يهدمون. وقرأ السلمي والحسن ونصر بن عاصم وأبو العالية وقتادة وأبو عمرو {يخربون} بالتشديد من التخريب. قال أبو عمرو : إنما اخترت التشديد لأن الإخراب ترك الشيء خرابا بغير ساكن، وبنو النضر لم يتركوها خرابا وإنما خربوها بالهدم؛ يؤيده قوله تعالى {بأيديهم وأيدي المؤمنين}. وقال آخرون : التخريب والإخراب بمعنى واحد، والتشديد بمعنى التكثير. وحكى سيبويه : أن معنى فعلت وأفعلت يتعاقبان؛ نحو أخربته وخربته وأفرحته وفرحته. واختار أبو عبيد وأبو حاتم الأولى. قال قتادة والضحاك : كان المؤمنون يخربون من خارج ليدخلوا، واليهود يخربون من داخل ليبنوا به ما خرب من حصنهم. فروي أنهم صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألا يكونوا عليه ولا له؛ فلما ظهر يوم بدر قالوا : هو النبي الذي نعت في التوراة، فلا ترد له راية. فلما هزم المسلمون يوم أحد ارتابوا ونكثوا، فخرج كعب بن الأشرف في أربعين راكبا إلى مكة، فخالفوا عليه قريشا عند الكعبة، فأمر عليه السلام محمد بن مسلمة الأنصاري فقتل كعبا غيلة ثم صبحهم بالكتاب؛ فقال لهم. اخرجوا من المدينة. فقالوا : الموت أحب إلينا من ذلك؛ فتنادوا بالحرب. وقيل : استمهلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أيام ليتجهزوا للخروج، فدس إليهم عبدالله بن أبي المنافق وأصحابه لا تخرجوا من الحصن، فإن قاتلوكم فنحن معكم لا نخذلكم، ولئن أخرجتم لنخرجن معكم. فدربوا على الأزقة وحصنوها إحدى وعشرين ليلة، فلما قذف الله في قلوبهم الرعب وأيسوا من نصر المنافقين طلبوا الصلح؛ فأبى عليهم إلا الجلاء؛ على ما يأتي بيانه. وقال الزهري وابن زيد وعروة بن الزبير : لما صالحهم النبي صلى الله عليه وسلم على أن لهم ما أقلت الإبل؛ كانوا يستحسنون الخشبة والعمود فيهدمون بيوتهم ويحملون ذلك على إبلهم ويخرب المؤمنون باقيها. وعن ابن زيد أيضا : كانوا يخربونها لئلا يسكنها المسلمون بعدهم. وقال ابن عباس : كانوا كلما ظهر المسلمون على دار من دورهم هدموها ليتسع موضع القتال، وهم ينقبون دورهم من أدبارها إلى التي بعدها ليتحصنوا فيها، ويرموا بالتي أخرجوا منها المسلمين. وقيل : ليسدوا بها أزقتهم. وقال عكرمة {بأيديهم} في إخراب دواخلها وما فيها لئلا يأخذه المسلمون. و {أيدي المؤمنين} في إخراب ظاهرها ليصلوا بذلك إليهم. قال عكرمة : كانت منازلهم مزخرفة فحسدوا المسلمين أن يسكنوها فخربوها من داخل وخربها المسلمون من خارج. وقيل {يخربون بيوتهم} بنقض المواعدة {وأيدي المؤمنين} بالمقاتلة؛ قال الزهري أيضا. وقال أبو عمرو بن العلاء {بأيديهم} في تركهم لها. و {أيدي المؤمنين} في إجلائهم عنها. قال ابن العربي : التناول للإفساد إذا كان باليد كان حقيقة، وإذا كان بنقض العهد كان مجازا؛ إلا أن قول الزهري في المجاز أمثل من قول أبي عمرو بن العلاء. قوله تعالى {فاعتبروا يا أولي الأبصار} أي اتعظوا يا أصحاب العقول والألباب. وقيل : يا من عاين ذلك ببصره؛ فهو جمع للبصر. ومن جملة الاعتبار هنا أنهم اعتصموا بالحصون من الله فأنزلهم الله منها. ومن وجوهه : أنه سلط عليهم من كان ينصرهم. ومن وجوهه أيضا : أنهم هدموا أموالهم بأيديهم. ومن لم يعتبر بغيره اعتبر في نفسه. وفي الأمثال الصحيحة (السعيد من وعظ بغيره) .

التفسير الميسّر:

هو- سبحانه- الذي أخرج الذين جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، من أهل الكتاب، وهم يهود بني النضير، من مساكنهم التي جاوروا بها المسلمين حول "المدينة"، وذلك أول إخراج لهم من "جزيرة العرب" إلى "الشام"، ما ظننتم- أيها المسلمون - أن يخرجوا من ديارهم بهذا الذل والهوان؛ لشدة بأسهم وقوة منعتهم، وظن اليهود أن حصونهم تدفع عنهم بأس الله ولا يقدر عليها أحد، فأتاهم الله من حيث لم يخطر لهم ببال، وألقى في قلوبهم الخوف والفزع الشديد، يُخْربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين، فاتعظوا يا أصحاب البصائر السليمة والعقول الراجحة بما جرى لهم.

تفسير السعدي

وكان إخراجهم منها أول حشر وجلاء كتبه الله عليهم على يد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فجلوا إلى خيبر، ودلت الآية الكريمة أن لهم حشرا وجلاء غير هذا، فقد وقع حين أجلاهم النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر، ثم عمر رضي الله عنه، [أخرج بقيتهم منها].

{ مَا ظَنَنْتُمْ } أيها المسلمون { أَنْ يَخْرُجُوا } من ديارهم، لحصانتها، ومنعتها، وعزهم فيها.

{ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ } فأعجبوا بها وغرتهم، وحسبوا أنهم لا ينالون بها، ولا يقدر عليها أحد، وقدر الله تعالى وراء ذلك كله، لا تغني عنه الحصون والقلاع، ولا تجدي فيهم القوة والدفاع.

ولهذا قال: { فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا } أي: من الأمر والباب، الذي لم يخطر ببالهم أن يؤتوا منه، وهو أنه تعالى { قذف فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ } وهو الخوف الشديد، الذي هو جند الله الأكبر، الذي لا ينفع معه عدد ولا عدة، ولا قوة ولا شدة، فالأمر الذي يحتسبونه ويظنون أن الخلل يدخل عليهم منه إن دخل هو الحصون التي تحصنوا بها، واطمأنت نفوسهم إليها، ومن وثق بغير الله فهو مخذول، ومن ركن إلى غير الله فهو عليه وبال فأتاهم أمر سماوي نزل على قلوبهم، التي هي محل الثبات والصبر، أو الخور والضعف، فأزال الله قوتها وشدتها، وأورثها ضعفا وخورا وجبنا، لا حيلة لهم ولا منعة معه فصار ذلك عونا عليهم، ولهذا قال: { يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ } وذلك أنهم صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم، على أن لهم ما حملت الإبل.

فنقضوا لذلك كثيرا من سقوفهم، التي استحسنوها، وسلطوا المؤمنين بسبب بغيهم على إخراب ديارهم وهدم حصونهم، فهم الذين جنوا على أنفسهم، وصاروا من أكبر عون عليها، { فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ } أي: البصائر النافذة، والعقول الكاملة، فإن في هذا معتبرا يعرف به صنع الله تعالى في المعاندين للحق، المتبعين لأهوائهم، الذين لم تنفعهم عزتهم، ولا منعتهم قوتهم، ولا حصنتهم حصونهم، حين جاءهم أمر الله، ووصل إليهم النكال بذنوبهم، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فإن هذه الآية تدل على الأمر بالاعتبار، وهو اعتبار النظير بنظيره، وقياس الشيء على مثله، والتفكر فيما تضمنته الأحكام من المعاني والحكم التي هي محل العقل والفكرة، وبذلك يزداد العقل، وتتنور البصيرة ويزداد الإيمان، ويحصل الفهم الحقيقي، ثم أخبر تعالى أن هؤلاء اليهود لم يصبهم جميع ما يستحقون من العقوبة، وأن الله خفف عنهم.


تفسير البغوي

( هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب ) يعني بني النضير ( من ديارهم ) التي كانت بيثرب قال ابن إسحاق : كان إجلاء بني النضير بعد مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من أحد ، وفتح قريظة عند مرجعه من الأحزاب وبينهما سنتان . ( لأول الحشر ) قال الزهري : كانوا من سبط لم يصبهم جلاء فيما مضى وكان الله - عز وجل - قد كتب عليهم الجلاء ولولا ذلك لعذبهم في الدنيا .

قال ابن عباس : من شك أن المحشر بالشام فليقرأ هذه الآية فكان هذا أول حشر إلى الشام قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - : اخرجوا قالوا ، إلى أين ؟ قال : إلى أرض المحشر ثم يحشر الخلق يوم القيامة إلى الشام .

وقال الكلبي : إنما قال : " لأول الحشر " لأنهم كانوا أول من أجلي من أهل الكتاب من جزيرة العرب ثم أجلى آخرهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه .

قال مرة الهمداني : كان أول الحشر من المدينة والحشر الثاني من خيبر وجميع جزيرة العرب إلى أذرعات وأريحاء من الشام في أيام عمر .

وقال قتادة : كان هذا أول الحشر والحشر الثاني نار تحشرهم من المشرق إلى المغرب تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا .

( ما ظننتم ) أيها المؤمنون ( أن يخرجوا ) من المدينة لعزتهم ومنعتهم وذلك أنهم كانوا أهل حصون وعقار ونخيل كثيرة . ( وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله ) أي : وظن بنو النضير أن حصونهم تمنعهم من سلطان الله ( فأتاهم الله ) أي أمر الله وعذابه ( من حيث لم يحتسبوا ) أنه أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - بقتالهم وإجلائهم وكانوا لا يظنون ذلك ( وقذف في قلوبهم الرعب ) بقتل سيدهم كعب بن الأشرف . ( يخربون ) قرأ أبو عمرو : بالتشديد والآخرون بالتخفيف ومعناهما واحد ( بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين ) قال الزهري : وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما صالحهم على أن لهم ما أقلت الإبل كانوا ينظرون إلى الخشب في منازلهم فيهدمونها وينزعون منها ما يستحسنونه فيحملونه على إبلهم ويخرب المؤمنون باقيها . قالابن زيد : كانوا يقلعون العمد وينقضون السقوف وينقبون الجدران ويقلعون الخشب حتى الأوتاد يخربونها لئلا يسكنها المؤمنون حسدا منهم وبغضا . قال قتادة : كان المسلمون يخربون ما يليهم من ظاهرها ويخربها اليهود من داخلها .

قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : كلما ظهر المسلمون على دار من دورهم هدموها لتتسع لهم المقاتل وجعل أعداء الله ينقبون دورهم في أدبارها فيخرجون إلى التي بعدها فيتحصنون فيها ويكسرون ما يليهم ويرمون بالتي خرجوا منها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذلك قوله - عز وجل - : ( يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا ) فاتعظوا وانظروا فيما نزل بهم ( يا أولي الأبصار ) يا ذوي العقول والبصائر .


الإعراب:

(هُوَ الَّذِي) مبتدأ وخبره والجملة استئنافية لا محل لها، (أَخْرَجَ) ماض وفاعله مستتر (الَّذِينَ) مفعوله والجملة صلة (كَفَرُوا) ماض وفاعله والجملة صلة الذين (مِنْ أَهْلِ) متعلقان بمحذوف حال (الْكِتابِ) مضاف إليه (مِنْ دِيارِهِمْ) متعلقان بأخرج (لِأَوَّلِ) متعلقان بأخرج أيضا (الْحَشْرِ) مضاف إليه (ما) نافية (ظَنَنْتُمْ) ماض وفاعله (أَنْ يَخْرُجُوا) مضارع منصوب بأن والواو فاعله والمصدر المؤول من أن والفعل سد مسد مفعولي ظننتم وجملة ظننتم استئنافية لا محل لها، (وَظَنُّوا) ماض وفاعله والجملة معطوفة على ما قبلها (أَنَّهُمْ) أن واسمها (مانِعَتُهُمْ) خبرها (حُصُونُهُمْ) فاعل مانعتهم والمصدر المؤول من أن وما بعدها سد مسد مفعولي ظنوا.

(مِنَ اللَّهِ) متعلقان بمانعتهم (فَأَتاهُمُ اللَّهُ) ماض ومفعوله ولفظ الجلالة فاعله والجملة معطوفة على ما قبلها (مِنْ) حرف جر (حَيْثُ) ظرف مبني على الضم في محل جر والجار والمجرور متعلقان بأتاهم، (لَمْ يَحْتَسِبُوا) مضارع مجزوم بلم والواو فاعله والجملة في محل جر بالإضافة (وَقَذَفَ) معطوف على فأتاهم (فِي قُلُوبِهِمُ) متعلقان بالفعل (الرُّعْبَ) مفعول به، (يُخْرِبُونَ) مضارع وفاعله (بُيُوتَهُمْ) مفعوله (بِأَيْدِيهِمْ) متعلقان بالفعل (وَأَيْدِي) معطوف على أيديهم (الْمُؤْمِنِينَ) مضاف إليه والجملة استئنافية لا محل لها.

(فَاعْتَبِرُوا) الفاء الفصيحة وأمر وفاعله والجملة جواب الشرط المقدر لا محل لها (يا أُولِي) منادى مضاف (الْأَبْصارِ) مضاف إليه.

---

Traslation and Transliteration:

Huwa allathee akhraja allatheena kafaroo min ahli alkitabi min diyarihim liawwali alhashri ma thanantum an yakhrujoo wathannoo annahum maniAAatuhum husoonuhum mina Allahi faatahumu Allahu min haythu lam yahtasiboo waqathafa fee quloobihimu alrruAAba yukhriboona buyootahum biaydeehim waaydee almumineena faiAAtabiroo ya olee alabsari

بيانات السورة

اسم السورة سورة الحشر (Al-Hashr - The Exile)
ترتيبها 59
عدد آياتها 24
عدد كلماتها 447
عدد حروفها 1913
معنى اسمها حَشَرَ النَّاسَ: جَمَعَهُم، وَالمُرَادُ (بالْحَشْرِ): خُرُوجُ يَهُودِ بَنِي النَّضِيرِ مِن الْمَدِينَةِ
سبب تسميتها انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ مُفْرَدَةِ (الْحَشْرِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الْحَشْرِ)، وَتُسَمَّى سُورَةَ (بَنِي النَّضِيرِ)
مقاصدها تَرْبِيَةُ النَّفْسِ وَتَقْوِيْمُهَا بِضَرْبِ الأَمْثَالِ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، نَزَلَتْ فِي يَهُودِ بَنِي النَّضِيرِ؛ غَدَرُوا بِالنَّبِيِّ ﷺ وَنَقَضُوا العَهْدَ، فَأَجْلاهُم مِنَ المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ وَحَشَرَهُمْ إِلَى أَرْضِ الشَّامِ. (رَوَاهُ البُخارِيّ وَمُسْلِم)
فضلها (الحَشْرُ) مِنَ المُسَبِّحَاتِ، أَتى رجُلٌ رسولَ اللهِ ﷺ فقال: أَقرِئْنِي يا رسولَ اللهِ، فَقَالَ: «اقْرَأْ ثَلاثًا مِنَ المُسَبِّحَاتِ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الحَشْرِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَن تَنْزِيِهِ اللهِ تَعَالَى بِالتَّسْبِيحِ، افتُتِحَتْ بِالتَّسْبِيحِ، فَقَالَ: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ١﴾، وَخُتِمَتْ بِالتَّسْبِيحِ، فَقَالَ: ﴿يُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ٢٤﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْحَشْرِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (المُجَادَلَةِ):لَمَّا خَتَمَ (المُجَادَلَةَ) بِالإِشَارَةِ إَلَى مَن حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ فِي قَوْلِهِ: ﴿يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ...٢٢﴾، ذَكَرَهُمْ فِي أَوَّلِ (الْحَشْرِ) فَقَالَ: ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۖ ...٤﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!