الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)في هذا المقام و هو المقام الإلهي في الدنيا و يتضمن هذا المنزل من العلوم هذا العلم و هو علم الحكمة و يتضمن علم المواقف و علم الحساب و علم الظن و علم الإهمال و الفرق بينه و بين الإمهال الذي يطلبه الاسم الحكيم و علم السابقة إلى المعاصي و المخالفات و هل يكون للإنسان المخالفة عين الموافقة و إن كانت فهل تثمر له هذه المخالفة بهذه المثابة و سرعته إلى فعلها قربة عند اللّٰه و هل تحجب المقرب و لا بد و إن سارع إليها عند مباشرة الفعل المخالف للحكم المشروع عن الحكم المشروع فيه أو لا يحجب و إما أن يكون قربة ذلك الفعل المخالف و لكن قد يكون مقربا لا قربة و هو علم كبير لا يعرفه من أهل طريقنا إلا قليل فإن غوره بعيد و ميزانه خفي دقيق ما في الموازين أخفى منه و الأكثر من أهل طريق اللّٰه ما شاهده و لا رآه و إن قيل له أنكره فما ظنك بعلماء الرسوم فما ظنك بالعامة و أما أكابر الحكماء من الفلاسفة فأنكروه جملة واحدة و سبب إنكارهم مع فضلهم و بعد غورهم إنهم لا يقولون بالاختصاص كما نقول نحن بل الأمور عندهم كلها مكتسبة بالاستعداد فمن هنا خفي عليهم هذا العلم و غيره مما يتعلق بالاختصاص و من علوم هذا المنزل علم السبب الذي أدى القائلين إلى إنكار الدار الآخرة الحسية و المعنوية فإنهم طائفتان بلا شك طائفة تنكر الحس الأخروي و طائفة تنكره معنى و حسا و من علومه علم أحوال الموت و لما ذا يرجع و ما حقيقته و ذبحه و صورته في عالم التمثيل كبشا أملح و مكان ذبحه و لمن تنتقل حياته إذا ذبح و علم التجلي الموجب لكسوف الكواكب المعنوية و الحسية و علم حضرة الجمع بين العبد و الرب و من هذه الحضرة ظهر القائلون بالاتحاد و الحلول فإنها حضرة علم تزل فيها الاقدام فإن الشبهة فيه قوية لا يقاومها دليل مركب و علم الأسفار و لنا فيه جزء سميناه الأسفار عن نتائج الأسفار يتضمن من العلم الإلهي و نسبة هذا الحكم الإلهي إليه و من العلم الكوني و نسبة هذا الحكم الإلهي معنى و حسا شيئا كثيرا و من علوم هذا المنزل الإلهي أيضا لأي اسم إلهي ترجع الناس يوم القيامة و علم السبب الذي لأجله يسأل العالم غيره عما يعمله و سبب جحد العالم ما يعلمه إذا سئل عن العلم به و علم كشف الإنسان ما في نفس الملك و هل هو من علم الستر أو الظهور أو منه ما يكون من علم الستر بوجه و من علم الظهور بوجه و علم الأدب و علم الاقتداء و علم السبب الموجب لإيثار الدنيا على الآخرة مع ما فيها من الغموم و الإنكار الحسية و المعنوية و علم الرؤية في الدار الآخرة و هل هي جائزة أو محال سواء كانت رؤية بصيرة أو بصر و هل الرؤية محلها حقيقة الرائي أو العين المعتاد المعروف و هل الرؤية حكم أو معنى وجودي و هل هي عين الرائي أو غيره كالصفة له و علم حال النفوس بعد الموت و علم الآخرة المعجلة و الدنيا المؤجلة و علم الإقبال و الإعراض و علم الوعيد و التقرير و علم الاقتدار و هذا القدر كاف في هذا المنزل ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] «الباب العاشر و ثلاثمائة في معرفة منزل الصلصلة الروحانية من الحضرة الموسوية»«قال رسول اللّٰه ﷺ في إنزال الوحي إنه يأتيه الوحي مثل صلصلة الجرس و هو أشده علي يقول الراوي فيفصم عنه و إن جبينه ليتفصد عرقا» فإن نزول الوحي على الأنبياء له صور مختلفة أشدها وحي الصلصلة شعر إن البروج لأوضاع مقدرة *** و هي المنازل للسيارة الشهب نظيرها من وجود السعد يشمله *** هذي إلى الفوز و الأخرى إلى العطب إذا تعرضت الأنواء تطلبني *** حبا لتمنحني ما شئت من أدب و جاءت السحب و الأرواح تحملها *** و الرعد يفصح عن عجم و عن عرب و البرق يخلع من أنوار نشأته *** على ظلام الدجا ثوبا من الذهب و السحب تسكب أمطار الحقائق في *** بيت من الطين و الأهواء و اللهب و الأرض تهتز إعجابا بزهرتها *** و الروض يرفل في أثوابه القشب علم الحقائق هذا لا أريد سوى *** العلم بالله و الأسماء و الحجب لما تنزه علم ذاته علم *** على الوصول به ناديت من كثب |
|
||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |