الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)[الجزء الأول]بسم اللّٰه الرحمن الرحيم (صلى اللّٰه على سيدنا محمد) [خطبة الكتاب][تأملات في الحقيقة الوجودية]الحمد لله الذي أوجد الأشياء عن عدم و عدمه و أوقف وجودها على توجه كلمة لنحقق بذلك سر حدوثها و قدمها من قدمه و نقف عند هذا التحقيق على ما أعلمنا به من صدق قدمه فظهر سبحانه و ظهر و أظهر و ما بطن و لكنه بطن و أبطن و أثبت له الاسم الأول وجود عين العبد و قد كان ثبت و أثبت له الاسم الآخر تقدير الفناء و الفقد و قد كان قبل ذلك ثبت فلو لا العصر و المعاصر و الجاهل و الخابر ما عرف أحد معنى اسمه الأول و الآخر و لا الباطن و الظاهر و إن كانت أسماؤه الحسنى على هذا الطريق الأسنى و لكن بينها تباين في المنازل يتبين ذلك عند ما تتخذ وسائل لحلول النوازل فليس عبد الحليم هو عبد الكريم و ليس عبد الغفور هو عبد الشكور فكل عبد له اسم هو ربه و هو جسم ذلك الاسم قلبه فهو العليم سبحانه الذي علم و علم و الحاكم الذي حكم و حكم و القاهر الذي قهر و أقهر و القادر الذي قدر و كسب و لم يقدر الباقي الذي لم تقم به صفة البقاء و المقدس عند المشاهدة عن المواجهة و التلقاء بل العبد في ذلك الموطن الأنزه لا حق بالتنزيه لا أنه سبحانه و تعالى في ذلك المقام الأنزه يلحقه التشبيه فتزول من العبد في تلك الحضرة الجهات و ينعدم عند قيام النظرة به منه الالتفات أحمده حمد من علم أنه سبحانه علا في صفاته و علي و جل في ذاته و جلى و أن حجاب العزة دون سبحانه مسدل و باب الوقوف على معرفة ذاته مقفل إن خاطب عبده فهو المسمع السميع و إن فعل ما أمر بفعله فهو المطاع المطيع و لما حيرتني هذه الحقيقة أنشدت على حكم الطريقة للخليفة الرب حق و العبد حق *** يا ليت شعري من المكلف إن قلت عبد فذاك ميت *** أو قلت رب أنى يكلف فهو سبحانه يطيع نفسه إذا شاء يخلقه و ينصف نفسه مما تعين عليه من واجب حقه فليس إلا أشباح خالية على عروشها خاوية و في ترجيع الصدى سر ما أشرنا إليه لمن اهتدى و أشكره شكر من تحقق أن بالتكليف ظهر الاسم المعبود و بوجود حقيقة لا حول و لا قوة إلا بالله ظهرت حقيقة الجود و إلا فإذا جعلت الجنة جزاء لما عملت فأين الجود الإلهي الذي عقلت فأنت عن العلم بأنك لذاتك موهوب و عن العلم بأصل نفسك محجوب فإذا كان ما تطلب به الجزاء ليس لك فكيف ترى عملك فاترك الأشياء و خالقها و المرزوقات و رازقها فهو سبحانه الواهب الذي لا يمل و الملك الذي عز سلطانه و جل اللطيف بعباده : الخبير الذي ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى:11] [تأملات في الحقيقة المحمدية]و الصلاة على سر العالم و نكتته و مطلب العالم و بغيته السيد الصادق المدلج إلى ربه الطارق المخترق به السبع الطرائق ليريه من أسرى به ما أودع من الآيات و الحقائق فيما أبدع من الخلائق الذي شاهدته عند إنشائي هذه الخطبة في عالم حقائق المثال في حضرة الجلال مكاشفة قلبيه في حضرة غيبية و لما شهدته صلى اللّٰه عليه و سلم في ذلك العالم سيدا معصوم المقاصد محفوظ المشاهد منصورا مؤيدا و جميع الرسل بين يديه مصطفون و أمته التي هي خير أمة عليه ملتفون و ملائكة التسخير من حول عرش مقامه حافون و الملائكة المولدة من الأعمال بين يديه صافون و الصديق على يمينه الأنفس و الفاروق على يساره الأقدس و الختم بين يديه قد حثى يخبره بحديث الأنثى و علي صلى اللّٰه عليه و سلم يترجم عن الختم بلسانه و ذو النورين |
|
||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |