الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)إذا الولي أقبلت *** زوجته على سرر يفضي إليها بالذي *** يحمله من الصور فعند ما ينكحها *** تصورا على صور من جنس ما لو ولدت *** كان على تلك الصور من ذي إمام حاكم *** أو ذات غنج و حور فإن يكن أنثى فهي *** و إن يكن هو فذكر مثل تجليه سوا *** تحول بلا غير فليتدبر وليي ما سطرته و ليفكر فيما ذكرته و ليأخذه عبرة من البصر لبصيرته و من سره لسريرته فقد آن إن يجيء زمان المحن و قد علمت لما أوجدك و رتبة الكمال الذي أشهدك و ما طلب منك إلا ما يقتضيه وجودك و يقضي به شهودك فإن أنصفت فقد عرفت و إن تعاميت بعد ما أراك ما قد رأيت فقد وهيت فاسد المقالة سؤال الإقالة و السلام فسر بورود كتابي عليه و أمعن بالنظر فيه و إليه فأورثه التفكر فيه علة كانت سبب رحلته و سرعة نقلته فما بقي إلا أياما و درج و على أسنى معراج إلى مقصوده عرج و شهدت احتضاره بالدار البيضاء إلى أن قضى و سافرت من يومي لاستعجال قومي فهذا بعض ما يحوي عليه هذا المنزل من الأهوال الصعاب التي تعظم في الشهود صورها [أن اللّٰه ذكر أخبار القرون الماضية لتكون على حذر من الأسباب التي أخذهم اللّٰه بها أخذته الرابية]و اعلم أن اللّٰه ما ذكر أخبار القرون الماضية إلا لتكون على حذر من الأسباب التي أخذهم اللّٰه بها أخذته الرابية و بطش بهم البطش الشديد و أما الموت فأنفاس معدودة و آجال محدودة و ليس الخوف إلا من أخذه و بطشه لا من لقائه فإن لقاءه يسر الولي و الموت سبب اللقاء فهو أسنى تحفة يتحفها المؤمن فكيف به إذا كان عالما بخ على بخ و يتضمن هذا المنزل من العلوم علم الرحمتين و علم قرب السعي من قرب الشبر و الذراع و هو القرب المحدود و علم الرتق و الفتق و علم المتشابه من المحكم و علم الأبد و علوم الأدلة و علم الاتباع و ما يسعد منه و ما يشقى و علم ثبوت الأمور و مرتبة الحكم و الحكم و علم الجزاء الوفاق و علم الخبر بالإجابة إلى المكروه كإجابة أولاد أم عيسى و علم التلبيس فيهبك متاعك من غير الوجهة التي تعرف منها أنه متاعك تلبيسا عليك فإذا انكشف الغطاء و كان البصر حديدا علمت أنه ما أعطاك إلا ما كان بيدك فما زادك من عنده و لا أفادك مما لديه إلا تغير الصور فمن وقف على هذا العلم قال بالري في مشروبه و من حرمه لم يزل عاطشا و الماء عنده الذي يرويه و لا يشعر به أنه عنده و هو من أسنى علم يوهبه العارفون بالله فهو كالمطر للأرض و ليس عين ما تطلبه من الارتواء سوى بخارها صعد منها بخارا ثم نزل إليها مطرا فتغيرت صورته لاختلاف المحل فما شربت و لا ارتوت إلا من مائها و لو علمت ذلك ما حجبتها المعصرات فتحقق هذا النوع من العلم في العلم الإلهي فما أعطاك إلا منك و ما هو عليه فلا يعلمه منه إلا هو فكل عالم فمن نفسه علمه فلذلك قال أهل اللّٰه لا يعرف اللّٰه إلا اللّٰه و لا النبي و لا الولي إلا الولي و يتضمن أيضا علم أسباب النجاة و السعادة و علم الامتحانات بالعسر و اليسر للصابر و الشاكر و علم المناسبة التي بها لم يمتثل أمر اللّٰه من عصى أمره و من امتثله هل امتثله بأمر مناسب أو بعدم المناسب و علم سبب تأثير الأدنى في الأعلى كتسليط الحيوانات على الإنسان كقرصة البرغوث إلى ما فوقها و قال تعالى ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّٰاعِ إِذٰا دَعٰانِ﴾ [البقرة:186] و علم مشاركة الحيوانات الإنسان في العلوم عن التجلي و علم من رد كل ما أتاه من الحق من أين رده و من رد بعضه من أين رده و هل يتساوى الحكم الإلهي فيهم أم لا و علم من أين انهزم الصحابة يوم حنين و علم مؤاخذة الأعلى بالأدنى إذا نصب دلالة نصبه من نصبه و علم السوابق و اللواحق و علم الوحدة في عين الجمع و علم المراتب و الدرجات ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] «الباب الأحد و الثلاثون و ثلاثمائة في معرفة منزل الرؤية و القوة عليها و التداني و الترقي |
|
||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |