الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)الاستحالة)فمن ذلك كرة الأثير و روحها الحرارة و اليبوسة و هي كرة النار و نظيرها الصفراء و روحها القوة الهاضمة و من ذلك الهواء و روحه الحرارة و الرطوبة و نظيره الدم و روحه القوة الجاذبة و من ذلك الماء و روحه البرودة و الرطوبة نظيره البلغم و روحه القوة الدافعة و من ذلك التراب و روحه البرودة و اليبوسة نظيره السوداء و روحها القوة الماسكة و أما الأرض فسبع طباق أرض سوداء و أرض غبراء و أرض حمراء و أرض صفراء و أرض بيضاء و أرض زرقاء و أرض خضراء نظير هذه السبعة من الإنسان في جسمه الجلد و الشحم و اللحم و العروق و العصب و العضلات و العظام(و أما عالم التعمير)فمنهم الروحانيون نظيرهم القوي التي في الإنسان و منهم عالم الحيوان نظيره ما يحس من الإنسان و منهم عالم النبات نظيره ما ينمو من الإنسان و من ذلك عالم الجماد نظيره ما لا يحس من الإنسان(و أما عالم النسب)فمنهم العرض نظيره الأسود و الأبيض و الألوان و الأكوان ثم الكيف نظيره الأحوال مثل الصحيح و السقيم ثم الكم نظيره الساق أطول من الذراع ثم الأين نظيره العنق مكان للرأس و الساق مكان للفخذ ثم الزمان نظيره حركت رأسي وقت تحريك يدي ثم الإضافة نظيرها هذا أبي فأنا ابنه ثم الوضع نظيره لغتي و لحني ثم أن يفعل نظيره أكلت ثم أن ينفعل نظيره شبعت و منهم اختلاف الصور في الأمهات كالفيل و الحمار و الأسد و الصرصر نظير هذا القوة الإنسانية التي تقبل الصور المعنوية من مذموم و محمود هذا فطن فهو فيل هذا بليد فهو حمار هذا شجاع فهو أسد هذا جبان فهو صرصر ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] (الباب السابع)في معرفة بدء الجسوم الإنسانيةو هو آخر جنس موجود من العالم الكبير و آخر صنف من المولدات نشأت حقيقة باطن الإنسان *** ملكا قويا ظاهر السلطان ثم استوت في عرش آدم ذاته *** مثل استواء العرش بالرحمن فبدت حقيقة جسمه في عينها *** و بها انتهى ملك الوجود الثاني و بدت معارف لفظه في علمه *** عند الكرام و حامل الشنآن فتصاغرت لعلومه أحلامهم *** و تكبر الملعون من شيطان باءوا بقرب اللّٰه في ملكوته *** إلا الشويطن باء بالخسران [عمر العالم الطبيعي]اعلم أيدك اللّٰه أنه لما مضى من عمر العالم الطبيعي المقيد بالزمان المحصور بالمكان إحدى و سبعون ألف سنة من السنين المعروفة في الدنيا و هذه المدة أحد عشر يوما من أيام غير هذا الاسم و من أيام ذي المعارج يوم و خمسا يوم و في هذه الأيام يقع التفاضل قال تعالى ﴿فِي يَوْمٍ كٰانَ مِقْدٰارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [ المعارج:4] و قال ﴿وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّٰا تَعُدُّونَ﴾ [الحج:47] فأصغر الأيام هي التي نعدها حركة الفلك المحيط الذي يظهر في يومه الليل و النهار فأقصر يوم عند العرب و هو هذا لأكبر فلك و ذلك لحكمه على ما في جوفه من الأفلاك إذ كانت حركة ما دونه في الليل و النهار حركة قسرية له قهر بها سائر الأفلاك التي يحيط بها [الحركة الطبيعية و القسرية للأفلاك]و لكل فلك حركة طبيعية تكون له مع الحركة القسرية فكل فلك دونه ذو حركتين في وقت واحد حركة طبيعية و حركة قسرية و لكل حركة طبيعية في كل فلك يوم مخصوص بعد مقداره بالأيام الحادثة عن الفلك المحيط المعبر عنها بقوله ﴿مِمّٰا تَعُدُّونَ﴾ [الحج:47] و كلها تقطع في الفلك المحيط فكلما قطعته على الكمال كان يوما لها و يدور الدور فأصغر الأيام منها هو ثمانية و عشرون يوما مما تعدون و هو مقدار قطع حركة القمر في الفلك المحيط و نصب اللّٰه هذه الكواكب السبعة في السموات ليدرك البصر قطع فلكها في الفلك المحيط لنعلم عدد السنين و الحساب قال تعالى ﴿وَ قَدَّرَهُ مَنٰازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَ الْحِسٰابَ﴾ [يونس:5] ﴿وَ كُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنٰاهُ تَفْصِيلاً﴾ [الإسراء:12] ﴿ذٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ [الأنعام:96] فلكل كوكب منها يوم مقدر يفضل بعضها على بعض على قدر سرعة حركاتها الطبيعية أو صغر أفلاكها و كبرها [خلق القلم و اللوح]فاعلم إن اللّٰه تعالى لما خلق القلم و اللوح و سماهما العقل و الروح و أعطى الروح صفتين صفة علمية و صفة عملية و جعل العقل لها معلما و مفيدا إفادة مشاهدة حالية كما تستفيد من صورة السكين القطع من غير نطق يكون منه في ذلك و خلق تعالى جوهرا دون النفس الذي هو الروح المذكور سماه الهباء و هذه الاسمية له نقلناها من كلام علي بن أبي طالب رضي اللّٰه عنه [خلق الهباء]و أما الهباء |
|
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |