الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)بغير ياء النسب يقال رجل بين العبودية و العبودة أي ذاته ظاهرة و نسبه مجهول فلا ينسب فإنه ما ثم إلى من فهو عبد لا عبد (الباب الأحد و الثلاثون و مائة في مقام ترك العبودية)إن انتسبت إلى معلول أنت له *** و أنت لله لا للخلق فازدجروا نحن المظاهر و المعبود ظاهرها *** و مظهر الكون عين الكون فاعتبروا ما جاء بي عبثا لكن لنعبده *** حقا بذا حكم التشريع و النظر و لست أعبده إلا بصورته *** فهو الإله الذي في طيه البشر فما القضاء إذا حققت صورتنا *** و ما التصرف و الأحكام و القدر فكلها عبر إن كنت ذا نظر *** و لا يخيب من تسري به العبر [أعيان الممكنات باقية على أصلها و هي مظاهر للحق الظاهر فيها]ترك العبودية لا يصح إلا عند من يرى أن عين الممكنات باقية على أصلها من العدم و إنها مظاهر للحق الظاهر فيها فلا وجود إلا لله و لا أثر إلا لها فإنها بذاتها تكسب وجود الظاهر ما تقع به الحدود في عين كل ظاهر فهي أشبه شيء بالعدد فإنها معقول لا وجود له و حكمه سار ثابت في المعدودات و المعدودات ليست سوى صور الموجودات كانت ما كانت و الموجودات سبب كثرتها أعيان الممكنات و هي أيضا سبب اختلاف صور الموجودات فالعدد حكمه مقدم على حكم كل حاكم [أقل الجمع في عددى الوتر و الشفع]و لما وصلت في أول هذا الباب من هذه النسخة إلى العدد و المعدودات نمت فرأيت رسول اللّٰه ﷺ في منامي و أنا بين يديه و قد سألني سائل و هو يسمع ما أقل الجمع في العدد فكنت أقول له عند الفقهاء اثنان و عند النحويين ثلاثة فقال ﷺ أخطأ هؤلاء و هؤلاء فقلت له يا رسول اللّٰه فكيف أقول قال لي إن العدد شفع و وتر يقول اللّٰه تعالى ﴿وَ الشَّفْعِ وَ الْوَتْرِ﴾ [الفجر:3] و الكل عدد فميز ثم أخرج خمسة دراهم بيده المباركة و رمى بها على حصير كنا عليه فرمى درهمين بمعزل و رمى ثلاثة بمعزل و قال لي ينبغي لمن سئل في هذه المسألة أن يقول للسائل عن أي عدد تسأل عن العدد المسمى شفعا أو عن العدد المسمى وترا ثم وضع يده على الاثنين الدرهمين و قال هذا أقل الجمع في عدد الشفع ثم وضع يده على الثلاثة و قال هذا أقل الجمع في عدد الوتر هكذا فليجب من سئل في هذه المسألة كذا هو عندنا و استيقظت فقيدتها في هذا الباب كما رأيتها حين استيقظت و خرج عن ذكري مسائل كثيرة كانت بيني و بينه ﷺ مما يتعلق بغير هذا الباب و أنا في غاية السرور و الفرح برؤيته ﷺ و وجدت في خاطري عند انتباهي صحة النهي عن البتيراء فإنه تكلم في طريقه فما رأيت معلما أحسن منه و أخذت في تقييدي لهذا الكتاب فنرجع و نقول [العدد حكمه مقدم على حكم كل حاكم و إن لم يكن وجود عينى قائم]فالعدد حكمه مقدم على حكم كل حاكم فحكم على الممكنات بالكثرة كثرة الممكنات و اختلافات استعداداتها على الظاهر فيها مع أحديته فكثرته كثرة الممكنات و لما كان الأمر هكذا لم يمكن أن يكون للعبودية عين فلهذا المقام يقال بترك العبودية و من حكم العدد و قوة سريانه و إن لم يكن له وجود قول اللّٰه تعالى ﴿مٰا يَكُونُ مِنْ نَجْوىٰ ثَلاٰثَةٍ إِلاّٰ هُوَ رٰابِعُهُمْ وَ لاٰ خَمْسَةٍ إِلاّٰ هُوَ سٰادِسُهُمْ وَ لاٰ أَدْنىٰ مِنْ ذٰلِكَ﴾ [المجادلة:7] يعني الاثنين و هذا يعضد رؤيانا المتقدمة ﴿وَ لاٰ أَكْثَرَ إِلاّٰ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مٰا كٰانُوا﴾ [المجادلة:7] من المراتب التي يطلبها العدد فينسحب عليها حكم العدد و «قوله ﷺ إن لله تسعة و تسعين اسما مائة إلا واحد» هذا من حكم العدد [كما الحق واحد لكل كثرة و ليس من جنسها كذلك هو الوجود الظاهر للمظاهر و ليس من جنسها]و قال ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قٰالُوا إِنَّ اللّٰهَ ثٰالِثُ ثَلاٰثَةٍ﴾ [المائدة:73] و لم يكفر من قال إنه سبحانه رابع ثلاثة و ذلك أنه لو كان ثالث ثلاثة أو رابع أربعة على ما توطأ عليه أهل هذا اللسان لكان من جنس الممكنات و هو سبحانه و تعالى ليس من جنس الممكنات فلا يقال فيه إنه واحد منها فهو واحد أبدا لكل كثرة و جماعة و لا يدخل معها في الجنس فهو رابع ثلاثة فهو واحد و خامس أربعة فهو واحد بالغا ما بلغت فذلك هو مسمى اللّٰه فهو و إن كان هو الوجود الظاهر بصور ما هي المظاهر عليه فما هو من جنسها فإنه واجب الوجود لذاته و هي واجبة العدم لذاتها أزلا فلها الحكم فيمن تلبس بها كما للزينة الحكم فيمن تزين بها فنسبة الممكنات للظاهر نسبة العلم و القدرة للعالم و القادر و ما ثم عين موجودة تحكم على هذا الموصوف بأنه عالم و قادر فلهذا نقول إنه عالم لذاته و قادر لذاته و هكذا هي الحقائق [الوجود المستفاد و نسبته إلى الحق و الممكنات]فالعدد حاكم لذاته في المعدودات و لا وجود له و المظاهر حاكمة في صور الظاهر و كثرتها في عين الواحد و لا وجود |
|
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |