الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)يؤيد ما ذكرناه أنه لو حسن الظن بشخص و تخيل أنه من أولياء اللّٰه و ليس كذلك في نفس الأمر عظمه و احترمه هذا في فطرة كل مخلوق فما قصد أحد انتهاك حرمة اللّٰه في أوليائه و هذا من غيرة الحق فإن قلت فقد آذوا اللّٰه مع علمهم بأنه اللّٰه قلنا في الجواب عن ذلك ما علموا إن ذلك أذى و أنهم تأولوا فأخطئوا في نفس الأمر لحكم الشبهة التي قامت لهم و تخيلوا أنها دليل و هي في نفس الأمر ليست كذلك و هذه كلها من الحق في عباده أمور مقدرة لا بد من وقوعها فمن غيرته حجابهم عن العلم به و بالخاصة من عباده فجناب اللّٰه و أهل اللّٰه على الإطلاق محترمون ما لم تعين أو يتأول فاعلم ذلك (الباب الحادي و الخمسون و مائة في معرفة مقام ترك الغيرة و أسراره)﴿مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ﴾ [الحشر:9] فهو الذي *** بنوره في كل أمر يهتدى و غيرة العبد إذا حققتها *** شح طبيعي من أسباب الردي و غيرة الحق إذا علمتها *** من رؤية الغير و لا غير بدا فلا تقل بغيرة فإنها *** مشتقة من غير فاتركها سدى و أين عين الغير و هو عدم *** فاسلك هديت الرشد أسباب الهدى و انسب إلى الباري ما قال و ما *** جاء به شرع و لكن ابتدا مما لو أن العقل يبقى وحده *** ما قاله معتقدا و قدا فإن يكن بعد سؤال قاله *** فهو دواء و هو بالبرهان دا فالحق ما قرره الشرع و لو *** دل على كل محال و بدا فالمؤمن الحق بهذا مؤمن *** و كل من أوله قد اعتدى لأنه ظن و بعض الظن قد *** يكون إثما قائدا نحو الردي [إذا كانت العين واحدة فلا غيرة إذ لا غير]إذا اقتضى نظر العبد العارف ظهور الحق في أعيان الممكنات الثابتة و إنها ما استفادت منه الوجود و إنما استفادت منه ما ظهر مما هي عليه من الحقائق عند ظهوره فيها فأعطته كل وصف و نعت اتصف به مما تضيفه بطريق الحقيقة إلى الإنسان أو العالم كيفما شئت قلت و من جملة النعوت الغيرة المحكوم بها في نسبة ما ظهر به الظاهر لظهور آخر لحكم آخر من عين آخر فإذا كانت العين واحدة فلا غيرة إذ لا غير [الغيرة متعلقها النسب أو الأعمال و هي كلها لله]و إذا نزلت عن هذا النظر إلى قوله ﴿مٰا مِنْ دَابَّةٍ إِلاّٰ هُوَ آخِذٌ بِنٰاصِيَتِهٰا﴾ و قوله ﴿وَ اللّٰهُ خَلَقَكُمْ وَ مٰا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات:96] لم يصح وجود الغيرة فإن الغيرة متعلقها النسب أو قل الأعمال و هي كلها لله فعلى من تقع الغيرة و ما هو ثم إذ كانت النسب و الأعمال كلها لله [الغيرة المعلومة الظاهرة في الكون شح طبيعي الكرم المطلق لا تكون معه غيرة]و الغيرة المعلومة الظاهرة في الكون شح طبيعي و الشح في ذلك الجناب العالي و في الأرواح العلى لا يصح فإذا ظهرت فمن النفس الحيوانية و لهذا توجد الغيرة في الحيوانات و أصلها ضيق الملك و فقد الغرض فالكرم المطلق لا يكون معه غيرة أصلا (الباب الثاني و الخمسون و مائة في مقام الولاية و أسرارها)إن الولاية عند العارفين بها *** نعت اشتراك و لكن فيه إشراك حبالة نصبت للعارفين بها *** صيد العقول و سيف الشرع بتاك و العبد ليس له في حكمها قدم *** و كيف يقضي بشيء فيه إشراك *** ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللّٰهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ [محمد:7] فقد نزلت *** و عين تحقيقها ما فيه إدراك و ما الإله بمحتاج لنصرتنا *** و قد أتتكم به رسل و أملاك فسلمته إلى من جاء منه و قل *** العجز عن درك الإدراك إدراك [لسان العموم في الولاية]الولاية نعت إلهي و هو للعبد خلق لا تخلق و تعلقه من الطرفين عام و لكن لا يشعر بتعلقه عموما من الجناب الإلهي و عموم تعلقه من الكون أظهر عند الجميع فإن الولاية نصر الولي أي نصر الناصر فقد تقع لله و قد تقع حمية و عصبية |
|
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |